للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لا يهجم عليك برأيه فيلقيه إلقاء الآمر، وإنما يلقاك صديقا لطيفا، ثم يأخذ بيدك أو بعقلك وشعورك ويدور معك مستقصيا المقدمات محللا ناقدا، يشركك معه في البحث حتى يسلمك الرأي ناضجا ويلزمك به في حيطة واحتياط، ثم يتركك ويقف غير بعيد متحديا لك أو ضاحكا منك. وذلك في عبارات رقيقة عذبة أو قوية جزلة فيها ترديد الجاحظ وتقسيمه. فإذا قص أو وصف أخذ عليك أقطار الحوادث والأشياء ودخل إلى أعماق الشعور وجوانب النفوس مدققا متقصيا، يخشى أن يفوته شيء ولا يخشى الملال في شيء. دقيق الشعور، صافي النفس، نبيل الجدل حاده، يسير مع خصمه بعقله حتى إذا آنس منه الغضب أو التولي تركه وانصرف"١.

أو هو كما قال الدكتور محمد مندور:

"أسلوب سمح تسلم الصفحة من عند أول قراءة كل ما تملك، فلا تشعر بالحاجة إلى أن تعود تستوحيها جديدا، ولكنك رغم ذلك تحمد للكاتب يسره. أسلوب واضح الموسيقى يكشف في سهولة عن أصالته"٢.

وقد رد المازني ما في أسلوب طه حسين من ترادف الجمل وتقطيعها ومن تكرار وحشو إلى تلك العاهة التي فرضت عليه أن يملي مقالاته إملاء، وإلى أنه أستاذ مدرس، والأستاذ حريص دائما على أن يبسط الموضوع لتلامذته لكي يتأكد من فهمهم له وإدراكهم لجزئياته. فقال:

"ولا شك أن أظهر عيب في مقالات الدكتور هو التكرار والحشو وما هو منهما بسبيل، وعندنا أن علة ذلك ليست فقط أنه يملي ولا


١ أحمد الشايب، الأسلوب ص١٠٤.
٢ في الميزان الجديد ص١٠.

<<  <   >  >>