للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخليل - عليه الصلاة والسلام-: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩) } ، يقول بعضهم: أنا من أهل البيت، ويتكّل على هذا، ولا يَحْفَل بالأعمال الصالحة، يظن أن كونه من أهل البيت يكفي، وهذا غرور من الشيطان، هذا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لابنته سيدة نساء العالمين، يقول لها: "سليني من مالي ما شئت، لا أُغني عنك من الله شيئاً" وهي بنته، أليست في مقدمة أهل البيت؟، "لا أُغني عنك من الله شيئاً" فكيف يأتي من يأتي ويقول: أنا من أهل البيت، ويتكِّل على هذا، ويتبرك الناس به، ويتمسّحون به، ويَلْحَسُون أقدامه، ويظنون أن هذا ينجيهم من عذاب الله، هذا باطل وغرور، ولا نجاة إلاّ بالأعمال الصالحة.

هذا أبو لهب، وأبو طالب، وهم أعمام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لما لم يؤمنوا لم ينفعهم قرابتهم من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهذا بلال، وعمّار بن ياسر، وصُهَيب، وخبّاب موالي، وصاروا من سادات المهاجرين، ومن سادات المؤمنين، ما ضرهم أنهم موالي، وقال في سلمان الفارسي: "سلمان منّا أهل البيت" رضي الله تعالى عن الجميع، والسبب: الإيمان والعمل الصالح، فمجرد كون الرجل من أهل البيت، أو من قرابة الرسول لا يُغني عنه شيئاً، ولا ينفعه شيئاً، كما لم ينفع أبا طالب وأبا لهب وغيرهم من عشيرة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما لم يؤمنوا، بل إن بعض الغُلاة يقول: إن التسمي بمحمد يكفي، يقول صاحب "البُرْدة":

فإن لي ذمّة منه بتسميتي محمداً ... وهو أوفى الخلق بالذمم

لا ينفع عند الله إلاّ العمل الصالح، لا الأسماء، ولا القبائل، ولا شرف النسب، ولا كون الإنسان من بيت النبوّة، كل هذا لا ينفع إلاّ مع العمل الصالح والاستقامة على دين الله عزّ وجلّ.

نعم، القرابة من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كانت مع العمل الصالح لها فضل لا شك فيه، فأهل البيت الصالحون المستقيمون على دين الله لهم حق، ولهم شرف، ولهم كرامة، ويجب الوفاء بحقهم، طاعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه أوصى بقرابته وأهل بيته، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>