عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً:"إنّ من ضعف اليقين: أن ترضي النّاس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمُّهم على ما لم يؤتك الله.
ــ
قال: "عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً" يعني: إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالحديث المرفوع:
ما نُسب إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحديث الموقوف: ما كان من كلام الصحابي، والحديث المرسل: ما نسبه التابعي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
"إنّ من ضعف" بفتح الضاد ويجوز الضم: والضَعف ضدّ القوة.
"اليقين" واليقين هو أعلى درجات العلم.
"أن ترضي النّاس بسخط الله" هذا من ضعف اليقين، وهذا مثل ما ذكر في الآية:{جعل فتنة النّاس كعذاب الله} ، فمن أرضى النّاس بما يُسخط الله إذا طلبوا منه ذلك إرضاءً للناس بما يُسخط الله من المخالفات والمعاصي، فهذا من ضعف اليقين، لأنه لو كان يقينه قويًّا لكان العكس، فكان يُرضي الله سبحانه وتعالى بسخط النّاس. أما إذا جاء العكس فأرضى النّاس بسخط الله، فهذا من ضعْف اليقين.
"وأن تَحْمَدَهم على رزق الله" أي: ومن ضعف اليقين: أن تَحْمَدَ النّاس على رزق الله، إذا جاءك رزق وجاءك خير تنسب هذا إلى النّاس وتحمدهم عليه، مع أن الرزق من الله سبحانه وتعالى، فالواجب: أن تحمد الله لا أن تحمد النّاس، إنما تحمد الله عزّ وجلّ لأنه هو الرزّاق، وإذا كان لأحدٍ من النّاس تسبُّب في هذا الرزق، فإنّ هذا المتسبِّب يُشكر على قدْر ما فعل، لا أن يُنسب الرزق إليه، وإنما يُشكر على قدر سعيه وعلى ما بذل من السبب فقط، مع الاعتراف أن الرزق من الله، وتعتقد أن هذا الشخص إنما هو سبب فقط، وفي الحديث: "من لا يشكر النّاس لا يشكر الله"، وفي الآخر: "من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تُرَوْا أن قد كافأتموه"، فالنّاس إنما تجري على أيديهم أسباب يُشكرون عليها ويُدعى لهم، أما أن يُنسب الرزق إليهم، ويقال: هذا من فلان، فهذا كفرٌ بنعمة الله سبحانه وتعالى ومن ضعف اليقين، لأن القوي اليقين يعتقد أن الأرزاق بيد الله، فيكون الحمد المطلق لله عزّ وجلّ.
"وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله" يعني: إذا سعيت تطلب شيئاً محبوباً من أمور الدنيا ولم يحصل لك فلا تذمّ النّاس، لأن هذا بيد الله، لو شاء الله لحصل لك، والنّاس ليس بيدهم شيء، وإنما هذا بيد الله، لو أراد هذا لحصل لك، فكونه لم