امتحشوا، ثم يُنبت الله أجسامهم بأن يُلقوا في نهر على باب الجنة، يُقال له نهر الحياة، فتنبت أجسامهم، ثم يدخلون الجنة، ويُخَلَّدون فيها، فأهل التّوحيد مآلهم إلى الجنة، حتى ولو عذبوا في النار فإنهم لا يخلدون فيها وذلك بسبب التّوحيد، أما الكفار والمشركون والمنافقون النفاق الأكبر، فهؤلاء مآهلم النار خالدين مخلَّدين فيها، لا يدخلون الجنة أبداً {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} .
فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" هذا وعد من الله سبحانه وتعالى؛ إن شاء غفر هذه الذنوب، وإن شاء عذب أصحابها، ثم يدخلهم الجنة بعد ذلك، وقد يخرجهم الله من النار بشفاعة الشافعين، وقد يخرجهم برحمته سبحانه وتعالى، فحتى ولو عذَّبوا مآلهم إلى الجنة {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، فالتّوحيد يَعصم من الخلود في النار، وإذا كان التّوحيد كاملاً فإنه يَعصم من دخول النار أصلاً، وإذا كان ناقصاً فإنه يَعصم من الخلود فيها، ولا يعصم من الدخول فيها، وإنما يَعصم من الخلود فيها، كما قال- تعالى- لما ذكر مناظرة إبراهيم الخليل عليه السلام مع عَبَدَة الأصنام قال:{أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ} ، المؤمنون أو المشركون، {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} قال الله- تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ، هؤلاء هم أهل التّوحيد، {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} يعني: بشرك، ولهذا لما نزلت هذه الآية شقَّتْ على الصحابة وقالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس الذي تَعْنُون، إنه الشرك، ألم تسمعوا قول العبد الصالح:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ، فالمراد بالظلم هنا: الشرك، فالذين سلِموا من الشرك لهم الأمن، إما الأمن المطلق، وإما مطلق الأمن، والأمن المطلق هو الذي ليس معه عذاب، وأما مطلق الأمن فهذا الذي قد يكون معه شيء من العذاب على حسب الذنوب، فالحاصل: أن أهل التّوحيد لهم الأمن بلا شك، ولكن قد يكون أمناً مطلقاً، وقد يكون مطلق أمنٍ، هذا هو الجواب الصحيح عن هذه المسألة.
بخلاف مذهب الخوارج والمعتزلة، فعندهم أن أصحاب الكبائر مخلّدون في