تحصيل مطالبهم المباحة ومصالحهم النافعة، فهذه شفاعة حسنة؛ لأنها من التعاون على البر والتقوى، «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء» ، فقوله:«اشفعوا تؤجروا» فيه بيان أن الشفاعة الحسنة فيها أجر؛ لما فيها من النفع للمحتاجين.
وأما الشفاعة السيئة: فهي الشفاعة في أمر محرم، كأن تشفع في إسقاط حد من حدود الله لمن وجب عليه أن لا يقام عليه الحد، فهذه شفاعة محرمة، وملعون من قام بها، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع» ، ولما «أراد أسامة بن زيد رضي الله عنه أن يشفع في امرأة وجب عليها حد السرقة، وشق ذلك على قومها، فطلبوا من أسامة أن يشفع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم قطع يدها، فشفع أسامة وكلم الرسول صلى الله عليه وسلم فغضب عليه غضبا شديدا، وقال: أتشفع في حد من حدود الله، إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم سرقت لقطعت يدها» ، وفي الحديث:«لعن الله من آوى محدثا» ، آواه يعني: حماه من إقامة الحكم الشرعي عليه، فالشفاعة السيئة هي ما كانت في شيء محرم.