للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الشفاعة عند الله - جل وعلا – فهي ثابتة في القرآن وفي السنة، وذلك بأن الله يكرم بعض عباده بأن يدعو لأخيه بما يخلصه من العقاب يوم القيامة، تكريما للشافع ورحمة بالمشفوع، فهذه هي الشفاعة عند الله، وهي: أن يأذن الله - جل وعلا – لبعض أوليائه في أن يدعو الله بأن يتجاوز عمن استوجب العقوبة ويعفو عنه، وهذه ثابتة في القرآن، ولكن بشرطين:

الشرط الأول: أن تطلب الشفاعة من الله - جل وعلا – ويأذن الله بها، فلا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه، بخلاف المخلوقين، فقد يشفع الشفعاء عندهم ولو لم يأذنوا، بل ربما يكرهون ذلك، أما الله - جل وعلا – فإنه لا يشفع عند أحد إلا بإذنه، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} .

الشرط الثاني: أن يكون المشفوع فيه من أهل الإيمان، ولكن عنده ما يوجب عليه العذاب لكبيرة من كبائر الذنوب ارتكبها، فهو من أهل الإيمان من أصحاب الجرائم التي دون الشرك، وأما المشرك فإن الله لا يرضى أن يشفع فيه، ولا تقبل فيه شفاعة، قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: ١٨] ، وقال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ} يعني: الملائكة {إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ارتضى الله قوله وعمله وهو المؤمن، أما الكافر فإن الله لا يرتضيه، فلا تنفعه الشفاعة، قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٨] .

فإذا توفر الشرطان: إذن الله للشافع أن يشفع، ورضاه عن المشفوع فيه، فالشفاعة حق، وإذا اختل شرط فهي شفاعة مردودة، قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ} ، هذا الشرط الأول، {وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦] ، هذا الشرط

<<  <   >  >>