على صحة مخرج حديثه، ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحداً قبول مرسله.
قال: وإذا وجدنا الدليل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله، ولا نستطيع أن نزعم أن الحجة ثبتت بها ثبوتها بالمتصل، وذلك أن معنى المنقطع مغيب يحتمل أن يكون حمل عمن يرغب عن الرواية عنه إذا سمي، وإن بعض المنقطعات وإن وافقه مرسل مثله فقد يحتمل أن يكون مخرجها واحداً من حيث لو سمي لم يقبل، وإن قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال برأيه: لو وافقه لم يدل على صحة مخرج الحديث دلالة قوية إذا نظرنا فيها، ويمكن أن يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوافقه ويحتمل مثل هذا فيمن وافقه من بعض الفقهاء.
قال الشافعي: فأما من بعد كبار التابعين فلا أعلم واحداً منهم يقبل مرسله لأمور:
أحدها: أنهم تجوزوا فيمن يروون عنه.
والآخر: أنهم تؤخذ عليهم الدلائل فيما أرسلوا لضعف مخرجه، والآخر كثرة الإحالة في الأخبار، وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه.
هذا كله كلام الشافعي وقد تضمن أموراً:
أحدها:أن المرسل إذا أسند من وجه آخر دل ذلك على صحة المرسل.
الثاني: أنه إذا لم يسند من وجهة آخر نظر هل يوافقه مرسل آخر أم لا، فإن وافقه مرسل آخر قوي، لكنه يكون أنقص درجة من المرسل الذي أسند من وجه آخر.
الثالث: أنه إذا لم يوافقه مرسل آخر ولا أسند من وجه لكنه وجد عن بعض الصحابة قول له يوافق هذا المرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن له أصلاً ولا يطرح.
الرابع: أنه إذا وجد خلق كثير من أهل العلم يفتون بما يوافق المرسل دل على أن له أصلاً.
الخامس: أن ينظر في حال المرسل، فإن كان إذا سمي شيخه سمي ثقة وغير ثقة لم يحتج بمرسله، وإن كان إذا سمى لم يسم إلا ثقة لم يسم مجهولاً، ولا ضعيفاً مرغوباً الرواية عنه كان ذلك دليلاً على صحة المرسل، وهذا فصل النزاع في المرسل وهو من أحسن ما يقال فيه.