للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السادس: أن ينظر إلى هذا المرسل له، فإن كان إذا شرك غيره من الحفاظ في حديث وافقه فيه، ولم يخالف، دل ذلك على حفظه، وإن خالفه ووجد حديثه أنقص، إما نقصان رجل يؤثر في اتصاله أو نقصان رفعه بأن يقفه، أو نقصان شيء من متنه كان في هذا دليل على صحة مخرج حديثه، وإن له أصلاً، فإن هذا يدل على حفظه وتحريه بخلاف ما إذا كانت مخالفته بزيادة، فإن هذا يوجب التوقف والنظر في حديثه.

وهذا دليل من الشافعي رضي الله عنه على أن زيادة الثقة عنده لا يلزم أن تكون مقبولة مطلقاً، كما يقوله كثير من الفقهاء من أصحابه وغيرهم، فإنه اعتبر أن يكون حديث هذا المخالف أنقص من حديث من خالفه ولم يعتبر المخالف بالزيادة وجعل نقصان هذا الرواي من الحديث دليلاً على صحة مخرج حديثه، وأخبر أنه متى خالف ما وصف أضر ذلك بحديثه، ولو كانت الزيادة عنده مقبولة مطلقاً لم يكن مخالفته بالزيادة مضراً بحديثه.

السابع: أن المرسل العاري عن هذه الاعتبارات والشواهد التي ذكرها ليس بحجة عنده.

الثامن: أن المرسل الذي حصلت فيه هذه الشواهد أو بعضها يسوغ الاحتجاج به ولا يلزم لزوم الحجة بالمتصل وكأنه رضي عنه سوغ الاحتجاج به ولم ينكر على مخالفه.

التاسع: أن مأخذ رد المرسل عنده إنما هو احتمال ضعف الواسطة، وأن المرسل لو سماه لبان أنه لا يحتج به، وعلى هذا المأخذ، فإذا كان المعلوم من عادة المرسل أنه إذا سمي لم يسم إلا ثقة، ولم يسم مجهولاً كان مرسله حجة، وهذا أعدل الأقوال في المسألة وهو مبني على أصل وهو أن رواية الثقة عن غيره هل هي تعديل له أم لا.

وفي ذلك قولان مشهوران هما:روايتان عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والصحيح: حمل الروايتين على اختلاف حالين، فإن الثقة إذا كان من عادته أن لا يروي إلا عن ثقة كانت روايته عن غير تعديلاً له،إذ قد علم ذلك من عادته، وإن كان يروي عن الثقة وغيره لم تكن روايته تعديلاً لمن روى عنه وهذا التفصيل اختيار كثير من أهل الحديث والفقه والأصول،وهو صحيح.

العاشر: إن المرسل من بعد كبار التابعين لا يقبل ولم يحك الشافعي عن أحد قبوله لتعدد الوسائط ولأنه لو قبل لقبل مرسل المحدث اليوم وبينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة، وهذا لا يقوله أحد من أهل الحديث.

<<  <   >  >>