للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواجب،ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد على اليهود إذا سلموا بقول ((وعليكم)) (١) ، وإذا سلم على معين تعين الرد وإذا سلم على جماعة فهل ردهم فرض على الأعيان، أو على الكفاية، على قولين مشهورين لأهل العلم، والابتداء به عند اللقاء سنة مؤكدة، وهل هي واجبة، على قولين معروفين هما قولان في مذهب أحمد وغيره، وسلام الزائر للقبر على الميت المؤمن هو من هذا الباب، ولهذا روى أن الميت يرد السلام مطلقاً.

فالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في مسجده وسائر المساجد وسائر البقاع مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، وأما السلام عليه عند قبره من داخل الحجرة فهذا كان مشروعاً لما كان ممكناً بدخول من يدخل على عائشة، وأما تخصيص هذا السلام والصلاة بالمكان القريب من الحجرة،فذها محل النزاع.

وللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

منهم من ذكر استحباب السلام أو الصلاة والسلام عليه إذ دخل المسجد ثم بعد أن يصلي في المسجد استحب أيضاً أن يأتي إلى القبر ويصلي ويسلم كما ذكر طائفة من أصحاب مالك والشافعي.

ومنهم من يذكر إلا الثاني وكثير من السلف لم يذكروا إلا النوع الأول فقط، فأما النوع الأول فهو المشروع لأهل البلد وللغرباء في هذا المسجد، وغير هذا المسجد وأما النوع الثاني فهو الذي فرق من استحبه بين أهل البلد والغرباء سواء فعله مع الأول أو مجرداً عنهما ذكر ذلك ابن حبيب وغيره، إذ دخل مسجد الرسول قال: بسم الله وسلام على رسول الله، والسلام علينا من ربنا وصلى الله وملائكته على محمد: اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب رحمته وجنتك وجنتبني من الشيطان الرجيم (٢) ، ثم أقصد على الروضة وهي ما بين القبر والمنبر فاركع فيها ركعتين قبل وقوفك بالقبر تحمد الله فيها وتسأله تماما ما خرجت إليه والعون عليه، وإن كانت ركعتاك في غير الروضة أجزأتاك


(١) ثبت في الصحيحين من حديث أنس إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا (وعليكم) البخاري ١١/٤٢، ١٢/٢٨٠ ومسلم ٤/١٧٠٥، وعن ابن عمر (إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السلام عليك فقل وعليك) البخاري ١١/٤٢ ومسلم ٤/١٧٠٦ وعن عائشة عند البخاري ومسلم ٤/١٧٠٦.
(٢) وتقدم الحديث بهذا الشأن.

<<  <   >  >>