للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرد عليه السلام)) (١) ، قد احتج به أحمد وغيره من العلماء، وقيل: هو على شرط مسلم وهو معروف من حديث حيوه من شريح المصري الرجل الصالح الثقة، عن أبي صخر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة، وأبو صخر هذا متوسط، ولهذا اختلف فيه عن يحيى بن معين فمرة، قال: هو ضعيف، ووافقه النسائي ومرة قال: لا بأس به ووافقه أحمد.

فلو قدر أن هذا الحديث مخالف لما هو أصح منه وجب تقديم ذاك عليه، ولكن السلام على الميت ورده السلام على من سلم عليه قد جاء في غير هذا الحديث، ولو أريد إثبات سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الحديث لكان هذا مختلفاً فيه فالنزاع في إسناده وفي دلالة متنه، ومسلم روى بهذا الإسناد قوله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ثم تتبعها حتى تدفن كان له قيراطان من الأجر كل قيراط مثل أحد،ومن صلى عليها ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد)) (٢) وهذا الحديث قد رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة (٣) وعائشة (٤) من غير هذا الطريق، ومسلم قد يروي عن الرجل المتابعات ما لا يرويه فيما انفرد به، وهذا معروف منه في عدة رجال يفرق بين من يروي عنه ما هو معروف من رواية غيره وبين من يعتمد عليه فيما ينفرد به، ولهذا كثير من أهل العلم يمتنعوا أن يقولوا في مثل ذلك: هو على شرط مسلم، أو البخاري، كما بسط هذا في موضعه.

الوجه الثامن: من أنه لو كان في هذا الباب حديث صحيح لم يخف عن الصحابة والتابعين بالمدينة، ولو كان ذلك معروف عندهم لم يكره أهل العلم بالمدينة مالك وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كرهوا هذا القول دل على أنه ليس عندهم فيه أثر لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه.


(١) تقدم الكلام عليه.
(٢) الحديث أخرجه مسلم ٢/٦٥٣ عن محمد بن عبد الله بن نمير وأبو داود ٣/٥١٦ عن هارون بن عبد الله وحسين بن عبد الله الهوري ثلاثتهم عن عبد الله بن يزيد المقرئ عن حيوة بن شريح عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن داود عن عامر بن سعيد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال كنت قاعداً عند عبد الله بن عمر إذ طلع خباب صاحب المقصورة فقال يا عبد الله بن عمر ألا تسمع ما يقول أبو هريرة إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:.. فذكره.
(٣) البخاري ٣/١٩٢ ومسلم ٢/٦٥٣.

<<  <   >  >>