للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه التاسع: إن الذين كرهوا هذا القول والذين لم يكرهوه من العلماء متفقون على أن السفر إلى زيارة قبره، إنما هو سفر إلى مسجده، ولو لم يقصد إلا السفر إلى القبر لم يمكنه أن يسافر إلا إلى المسجد، لمن قد يختلف الحكم بينه كما تقدم، وأما زيارة قبره كما هو المعروف في زيارة القبور، فلهذا ممتنع غير مقدور ولا مشروع، وبهذا يظهر أن الذين كرهوا أن يسموا هذا زيارة لقبره قولهم أولى بالصواب، فإن هذا ليس زيارة لقبره ولا فيه ما يختص بالقبر، بل كل ما يفعل فإنما هو عبادة تفعل في المساجد كلها أو في غير المساجد أيضاً، ومعلوم أن زيارة القبر لها اختصاص بالقبر، ولما كانت زيارة لقبره، ولا فيه ما يختص بالقبر، ولما كانت زيارة قبره المشروعة إنما هي سفر إلى مسجده وعبادة في مسجده ليس فيها ما يختص بالقبر كان قول من كره أن يسمي هذا زيارة لقبره أولى بالشرع والعقل واللغة، ولم يبق إلا السفر إلى مسجده، وهذا مشروع بالنص والاجماع، والذين قالوا: يستحب زيارة قبره، إنما أرادوا هذا فليس بين العلماء خلاف في المعنى، بل في التسمية والإطلاق.

والمجيب لم يحك نزاعاً في استحباب هذه الزيارة الشرعية التي تكون في مسجده وبعضهم يسميها زيارة لقبره، وبعضهم يكره أن تسمي زيارة لقبره والمجيب يستحب منا يستحب بالنص والإجماع وقد ذكر ما فيه النزاع كان الحاكي عند خلاف ذلك كاذباً مفترياً يستحق ما يستحقه أمثاله من المفترين.

ثم حكى الشيخ عن المعترض المالكي أنه قال: وتضافرت النصوص عن الصحابة والتابعين، وعن السادة العلماء المجتهدين بالحض على ذلك والندب إليه والغبطة لمن سارع لذلك وداوم عليه، حتى نحا بعضهم في ذلك إلى الوجوب، ورفعه عن درجة المباح والمندوب، ولم يزل الناس مطبقين على ذلك قولاً وعملاً لا يشكون في ندبه ولا يبغون عنه حولاً.

وفي مسند ابن أبي شيبة: ((من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي نائباً سمعته)) (١) قال الشيخ: هكذا في النسخة التي حضرت إلي مكتوبة عن المعترض، وقد صحح على (سمعه) وهو غلط، فإن لفظ الحديث من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي نائباً بلغته، هكذا ذكره الناس، وهكذا ذكره القاضي عياض عن ابن أبي شيبة


(١) انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ ناصر حفظه الله تعالى حديث رقم ٢٠٣ حديث استوفى البحث في هذا البحث فجزاه الله خيراً والأحاديث التي ذكرها المؤلف بعد هذا قد تقدمت.

<<  <   >  >>