للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبدعة، وأما هو صلى الله عليه وسلم فلا سبيل لأحد أن يصل إلا مسجده لا يدخل أحد بيته ولا يصل إلى قبره، بل دفنوه في بيته بخلاف غيره، فإنهم دفنوه في الصحراء كما في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا)) (١) .

قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجداً، فدفن في بيته لئلا يتخذ قبره مسجداً ولا وثناً ولا عيداً.

فإن في سنن أبي داود من حديث أحمد بن صالح عن عبد الله بن نافع أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) (٢) وفي الموطأ وغيره عنه أنه قال: اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (٣) .

وفي صحيح مسلم عنه أنه قال: قبل أن يموت بخمس: ((إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)) (٤) فلكا لعن من يتخذ القبور مساجد تحذيراً لأمته من ذلك ونهاهم عن ذلك ونهاهم أن يتخذوا قبره عيداً، دفن في حجرته لئلا يتمكن أحد من ذلك، وكانت عائشة ساكنة فيها فلم يكن في حياتها أحد يدخل لذلك، إنما يدخلون إليها هي: ولما توقيت لم يبق بها أحد، ثم لما أدخلت في المسجد سدت وبني الجدار البراني عليها فما بقي أحد يتمكن من زيارة قبره كالزيارة المعروفة عند قبر غيره سواء كانت سنية أو بدعية، بل إنما يصل الناس إلى مسجده، ولم يكن السلف يطلقون على هذا زيارة لقبره ولا يعرف عن أحد من الصحابة لفظ زيارة قبره البتة، ولم يتكلموا بذلك وكذلك عامة التابعين لا يعرف هذا في كلامهم، فإن المعنى ممتنع عندهم، فلا يعبروا عن وجوده، وهو نهي عن اتخاذ بيته وقبره عيداً وسأل الله تعالى أن لا يجعل وثناً، ونهى عن اتخاذ القبور مساجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) (٥) .


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه والكلام صفحة ١٢٢ حاشية (٢) .
(٣) تقدم الكلام عليه.
(٤) انظر صحيح مسلم ١/٣٧٧،
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>