للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذان المرسلان: مرسل أبي سعيد (١) مولى المهري أحد ثقات التابعين، ومرسل الحسن بن الحسن من هذين الوجهين المختلفين يدلان على ثبوت الحديث، لا سيما وقد احتج من أرسله به، وذلك يقتضي ثبوته عنده لولم يكن روي من وجوه مسنده غير هذين فكيف وقد جاء مسنداً من غير وجه.

قال أبو داود في سننه (٢) : حدثنا أحمد بن صالح، قال: قرأت على عبد الله بن نافع أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقيري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم)) صلى الله عليه وسلم تسليماً.

وقال الشيخ (٣) : وهذا إسناد حسن فإن رواته كلهم ثقات مشاهير، لكن عبد الله بن نافع الصائغ الفقيه المدني صاحب مالك فيه لين لا يقدح في حديثه. قال يحيى بن معين: هو ثقة وحسبك بابن معين موثقاً (٤) .

وقال أبو زرعة لا بأس به (٥) .

وقال أبو حاتم الرازي (٦) : ليس بالحافظ هو لين تعرف من حفظه وتنكر.

فإن هذه العبارات منهم تنزل حديثه من مرتبة الصحيح إلى مرتبة الحسن، إذ لا خلاف في عدالته وفقه، وإن الغالب عليه الضبط، لكن قد يغلط أحياناً، ثم إن هذا الحديث مما يعرف من حفظه ليس مما ينكر، لأنه سنة مدنية هو محتاج إليها في فقهه. ومثل هذا يضبطه الفقيه، وللحديث شواهد من غير طريقة، فإن هذا الحديث روي من


(١) سعيد هو ابن منصور الخراساني صاحب السنن والحديث أخرجه إسماعيل القاضي رقم ٣٠ والحديث له طرق كثيرة وألفاظه متقاربة وهو بمجموع طرقه يرتقي إلى الصحة إن شاء الله، تقدم الكلام عليه، وقوله (ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء) ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام وإنما من كلام الحسن.
(٢) ٢١/٥٣٤.
(٣) انظر اقتضاء الصراط المستقيم ٣٢١-٣٢٢.
(٤) انظر رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم لابن معين رقم ٣٧٣ ص١١٦.
وفي رواية لابن معين في تاريخه برقم ٩٥٢ قال ضعيف.
(٥) انظر الجرح والتعديل ٥/١٨٣ - ١٨٤.
(٦) انظر الجرح والتعديل ٥/١٨٣-١٨٤، وانظر الميزان ٥/٥١٣.

<<  <   >  >>