جهات أخرى، فما بقي منكراً، وكل جملة من هذا الحديث رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد معروفة، وقد ذكر الشيخ هذه الأحاديث وغيرها في الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:
فهذه الأحاديث المعروفة عند أهل العلم التي جاءت من وجوه حسان يصدق بعضها بعضاً، وهي متفقة على أن من صلى عليه وسلم من أمته، فإن ذلك يبلغ ويعرض عليه وليس في شيء منها أنه يسمع صوت المصلي والمسلم بنفسه، إنما فيها أن ذلك يعرض عليه ويبلغه صلى الله عليه وسلم تسليماً.
ومعلوم أنه أراد بذلك الصلاة والسلام الذي أمر الله به، سواء صلى عليه وسلم في مسجده، أو مدينته أو مكان آخر.
فعلم أن ما أمر الله به من ذلك، فإنه يبلغه وأما من سلم عليه عند قبره، فإنه يرد عليه.
وذلك كالسلام على سائر المؤمنين، ليس هو من خصائصه، ولا هو السلام المأمور به الذي يسلم الله على صاحبه عشراً كما يصلي على من صلى عليه عشراً، فإن هذا هو الذي أمر به في القرآن الكريم، وهو لا يختص بمكان دون مكان، وقد ذكرنا كلام الشيخ مستوفي فيما تقدم على قوله: ما من أحد يسلم علي، وهل هو عام لا يختص بمكان أو المراد به عند قبره؟ وأي شيء معنى كونه عند القبر بما فيه كفاية فغنينا عن إعادته في هذا الموضع والله أعلم.
ومن الأحاديث المروية في تبليغه صلى الله عليه وسلم سلام من يسلم عليه من أمته ما أخبرنا به قاضي القضاة تقي الدين أبو الفضل المقدسي مشافهة قال: حدثنا الحافظ أبو عبد الله المقدسي سماعاً، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن معمر بأصبهان أن جعفر بن عبد الواحد أخبرهم إجازة، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الهمداني، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن بشر، حدثنا محمد بن عامر،حدثنا أبو قرصافة جندرة، وكان لأبي قرصافة صحبه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد كساه برنساً، وكان الناس يأتونه فيدعو لهم ويبارك فيهم فتعرف البركة فيهم.
وكان لأبي قرصافة ابن في بلاد الروم غازياً، وكان أبو قرصافة إذا أصبح في السحر بعسقلان نادى بأعلى صوته يا قرصافة الصلاة، فيقول قرصافة من بلاد الروم: لبيك يا أبتاه