الحاكم أبا عبد الله، لأن رحلة هذا المؤلف أوسع من رحلة الحاكم، ولأنه دخل إلى بلدان كثيرة لم يدخلها الحاكم كالشام وغيرها، ولا يجوز أن يكون الحافظ أبا نعيم لتأخره عن هذا.
وفي الجملة مؤلف هذا الكتاب حافظ كبير من بحور الأحاديث، وقد ذكر في هذا الكتاب من الأحاديث الغريبة والمنكرة والموضوعة شيئاً كثيراً، وذكر في هذا الباب الذي روي فيه هذا الحديث هو الباب الثلاثون بعد المائتين عدة أحاديث موضوعة لا أصل لها، وقد ذكر أن هذا الحديث تفرد به موسى بن هلال العمري وذكر أن بعض الرواة قال في حديثه عن: عبد الله وقد ذكرنا أن الأصح رواية من قال عن عبد الله، وكأن موسى بن هلال حدث به مرة عن عبيد الله فأخطأ، لأنه ليس من أهل الحديث ولا من المشهورين بنقله، وهو لم يدرك عبيد الله ولا لحقه فإن بعض الرواة عنه لا يروي عن رجل عن عبيد الله، وإنما يروي عن رجل عن آخر عن عبيد الله فإن عبيد الله متقدم الوفاة كما ذكرنا ذلك فيما تقدم بخلاف عبد الله فإنه عاش دهراً بعد أخيه عبيد الله، وكأن موسى بن هلال لم يكن يميز بين عبد الله وعبيد الله ولا يعرف أنهما رجلان فإن لم يكن من أهل العلم، ولا ممن يعتمد عليه في ضبط باب من أبوابه.
فقد تبين أن هذا الحديث أن هذا الحديث الذي تفرد به موسى بن هلال لم يصححه أحد من الأئمة المعتمد على قولهم في هذا الشأن، ولا حسنه أحد منهم، بل تكلموا فيه وأنكروه حتى أن النووي ذكر في شرح المهذب إن إسناده ضعيف جداً (١) .
وقد تفرد هذا المعترض على شيخ الإسلام بتحسينه أو تصحيحه وأخذ في التشنيع والكلام بما لا يليق الذي بقدر آحاد الناس على مقابلته بمثله وبما هو أبلغ منه،وجميع ما تفرد به هذا المعترض من الكلام على الحديث وغيره خطأ فاعلم ذلك والله الموفق.
فإن قيل: قد روى الإمام أحمد بن حنبل عن موسى بن هلال، وهو لا يروي إلا عن ثقة فالجواب أن يقال: رواية الإمام أحمد عن الثقات هو الغالب من فعله، والأكثر من عمله كما هو المعروف من طريقة شعبة ومالك وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم وقد يروي الإمام أحمد قليلاً في بعض الأحيان عن جماعة نسبوا إلى الضعف وقلة الضبط على وجه الاعتبار والاستشهاد لا على طريق الاجتهاد والاعتماد