أقول والدمع من عيني منسجم ... لما رأيت جدار القبر يستسلم
والناس يغشونه ياك ومنقطع ... من المهابة أو ذاع فملتزم
فما تمالكت أن نأديت من حرق ... في الصدر كادت لها الأحشاء تضطرم
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طبيهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
وفيه شمس التقى والدين قد غربت
... من بعد ما أشرقت من نوره الظلم
حاشى لوجهك أن يبلى وقد هديت ... في الشرق والغرب من أنواره الأمم
وإن تمسك أيدي الترب لامسة ... وأنت بين السموات العلى علم
لقيت ربك والإسلام صارمه ... ماض وقد كان يحر الكفر يلتطم
فقمت فيه مقام المرسلين إلى ... إن عز فهو على الأديان يحتكم
لئن رأيناه قبراً إن باطنه ... لروضه من رياض الخلد يبتسم
طافت به من نواحيه ملائكة
... تغشاه في كل ما يوم وتزدحم
لو كنت أبصرت حباً لقلت له ... لا تمش إلا على خدي لك القدم
هدي به الله قوماً قال قائلهم ... بطن حكه لما ضمه الرحم
إن مات أحمد فالرحمن خالقه ... حين ونعبده ما أروق السلم
قال الجوهري: الرجم بالتحريك القبر، هذا آخر ما أو رده المعترض في الباب الثالث، وهذه الحكاية التي ذكرها بعضهم يرويها عن العتبي، بلا إسناد، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني، عن الأعرابي، وقد ذكرها البيهقي في كتاب شعب الإيمان بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد بن البصري، حدثني أبو حرب الهلالي قال: حج أعرابي فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر، ثم ذكر نحو ما تقدم، وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما سيأتي ذكره.
وفي الجملة: ليست هذه الحكاية المنكورة عن الأعرابي مما يقوم به حجة وإسنادها مظلم مختلف ولفظها مختلف أيضاً،ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية، ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم وبالله التوفيق.