الأيام المعدودات كما قال الله تعالى، وكما كره أن يقال:العتمة ويقال: العشاء الآخرة ونحو هذا،وكذلك طواف الزيارة كأنه استحب أن يسمي بالإفاضة، كما قال الله تعالى في كتابه:{فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ}(البقرة ١٩٨) فاستحب أن يشتق له الاسم من هذا.
وقيل إنه كره لفظ الزيارة في الطواف بالبيت والمضي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم،لأن المضي إلى قبره عليه السلام ليس ليصله بذلك، ولا لينفعه، وكذلك الطواف بالبيت، وإنما يفعل تأدية لما يلزمه من فعله ورغبة في الثواب على ذلك من عند الله عز وجل،وبالله التوفيق، انتهى كلامه ابن رشد.
وقد وقع منه كراهة مالك قول الناس: زرت النبي صلى الله عليه وسلم،وهو يرد ما قاله القاضي عياض، فأما كراهة إسناده الزيارة إلى القبر، فيحتمل أن يكون العلة فيه ما قاله القاضي عياض، ويحتمل أن يكون العلة ما قاله أبو عمران وابن رشد، وأما إضافة الزيارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن ثبت ذلك عن مالك فيتعين أن يكون العلة فيه ما قاله أبو عمران وابن رشد والمختار في تأويل كلام مالك رحمه الله ما قاله ابن رشد دون ما قاله القاضي عياض، لأن ابن المواز حكى في كتابه الحج في باب ما جاء في الوداع.
قال أشهب: قيل لمالك فيمن قدم معتمراً، ثم أراد أن يخرج إلى رباط أعليه أن يودع؟ قال: هو من ذلك في سعة، ثم قال: إنه لا يعجبني أن يقول أحد الوداع، وليس هو من الصواب، إنما هو الطواف.
قال تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الحج ٠٢٩) قال: وأكره ما يقال الزيارة، وأكره ما يقول الناس: زرت النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يزار وقال مالك في وداع البيت، ما يعرف في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم الوداع، إنما هو الطواف بالبيت، قلت لمالك، افترى هذا الطواف بالبيت، قيل لمالك: الذي يلتزم أترى له أن يتعلق بأستار الكعبة عند الوداع؟ قال: لا ولكن يقف ويدعو، قيل له: وكذلك عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. انتهى ما أردت نقله من المؤازنة، وهي من أجل كتب المالكية القديمة المعتمد عليها.
وسياقه حكاية أشهب عن مالكم ترشد إلى المراد، وأن مالكاً رحمه الله إنما كره اللفظ كما كره في طواف الوداع، أفترى يتوهم مسلم،أو عاقل أن مالكاً كره طواف الوداع.