للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((لألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك)) (١) .

وكان أهل المدينة في خلافة أبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان على أفضل أمور الدنيا والآخرة لتمسكهم بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تغيروا بعض التغير، فقتل عثمان وخرجت الخلافة خلافة النبوة من عندهم وصاروا رعية لغيرهم، ثم تغيروا بعض التغير فجرى علهم عام الحرة من النهب، والقتل وغير ذلك من المصائب ما لم يجر عليهم قبل ذلك، والذي فعل بهم ذلك، وإن كان ظالماً متعدياً فليس هو أظلم ممن فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابهما فعل وقد قال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران ١٦٥)

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون مدفونين بالمدينة وكذلك الشام كان أهله في أول الإسلام في سعادة الدنيا والدين، ثم جرت فتن وخرج الملك من أيديهم، ثم سلط عليهم المنافقون الملاحدة والنصارى بذنوبهم، واستولوا على بيت المقدس وقبر الخليل وفتحو البناء الذي كان عليه وجعلوه كنيسة، ثم صلح دينهم فأعزلهم الله ونصرهم على عدوهم لما أطاعوا الله ورسوله، واتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم، فطاعة الله ورسوله هي قطب السعادة وعليها تدور: ((ومن يطلع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: ((من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصيهما فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً)) (٢) ، ومكة نفسها لا تدفع البلاء عن أهلها ويجلب لهم الرزق إلا بطاعتهم لله ورسوله، كما قال الخليل عليه السلام: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (إبراهيم ٠٣٧) وكانوا في الجاهلية يعظمون حرمة الحرم ويحجون ويطوفون بالبيت، وكانوا خير من غيرهم من المشركين والله لا يظلم مثقال ذرة، فكانوا يكرهون ما لا يكرم غيرهم ويؤتون ما يؤتاه غيرهم (٣)


(١) أخرجه أبو داود ٥/١٢ رقم ٤٦٠٥ والترمذي رقمه ٢٦٦٥ وابن ماجه في المقدمة رقم١٣
(٢) أخرجه أبو داود ٢/٥٩٢ رقم ٢١١٩ من حديث ابن مسعود وفي إسناده عمران بن داود إلى الضعف أقرب.
(٣) يشير إلى قوله تعالى: {أولم نمكن لهم حرماً آمناً تجبى إليه ثمرات كل شيء، رزقاً من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون} .

<<  <   >  >>