للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون ذلك العبد فمن سأل الله الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة)) (١) فالجزاء من جنس العمل.

فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشراً (٢) ، قال: ومن سأل لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة، ولم يقل كان أسعد الناس بشفاعتي، بل قال: أسعد الناس بشفاعتي من قال: ((لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه)) .

فعلم أن ما يحصل للعبد بالتوحيد والإخلاص من شفاعة الرسول وغيرها لا يحصل بغيره من الأعمال، وإن كان صالحاً كسؤال الوسيلة للرسول، فكيف بما لم يأمر به من الأعمال، بل نهى عنه، فذلك لا ينال به خيراً لا في الدنيا، ولا في الآخرة مثل غلو النصارى في المسيح، فإنه ينصرهم ولا ينفعهم.

ونظير هذا في الصحيح عنه أنه قال: ((إن لكل نبي دعوة مجابة، وإن أختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي قائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئاً)) (٣) . وكذلك في أحاديث الشفاعة كلها إنما يشفع في أهل التوحيد، فيحسب توحيد العبد لربه وإخلاصه دينه لله يستحق كرامة الله بالشفاعة وغيرها وهو سبحانه علق الوعد والوعيد والثواب والعقاب والحمد والذم بالإيمان وتوحيده وطاعته فمن كان أكمل في ذلك كان أحق بتولي الله له بخير الدنيا والآخرة.

ثم جمع عبادة مسلمهم وكافرهم هو الذي رزقهم، وهو الذي يدفع عنهم المكاره وهو الذي يقصدونه في الثواب قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (النحل ٠٥٣) وقال تعالى: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} (الأنبياء ٠٤٢) أي بدلاً عن الرحمن، هذا أصح القولين كقوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} (الزخرف ٠٦٠) أي لجعلنا بدلاً منكم كما قال عامة المفسرين ومنه قول الشاعر

فليت لنا من ماء زمزم شربة مبردة باتت على طهيان

أي بدلاً من ماء زمزم: فلا يكلأ الخلق بالليل والنهار فيحفظهم ويدفع عنهم


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم.

<<  <   >  >>