للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم الذين قال الله فيهم: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (المائدة ٠٥٤)

ويصلون في مسجده كما ذكرنا (١) ، ولم يكن أحد يذهب إلى القبر ولا يدخل الحجرة ولا يقوم خارجها في المسجد، بل السلام عليه من خارج الحجرة؛ وعمدة مالك وغيره في علي فعل ابن عمر.

وبكل حال فهذا القول لو قاله نصف المسلمين لكان له حكم أمثاله من الأقوال في مسائل النزاع، أما أن يجعل هو الذي الحق ويستحل عقوبة من خالفه أو يقال بكفره فهذا خلاف اجماع المسلمين،وخلاف ما جاء به الكتاب والسنة، فإن كان المخالف للرسول في هذه المسألة يكفر؛ فالذي خالف سنته وإجمال الصحابة وعلماء أمته فهو الكافر ونحن نكفر أحداً من المسلمين بالخطأ لا في هذه المسائل، ولا في غيرها لكن إن قدر تكفير المخطئ فمن خالف الكتاب والسنة واجماع الصحابة والعلماء أولى بالكفر ممن وافق الكتاب والسنة والصحابة وسلف الأمة وأئمتها.

فأئمة المسلمين فرقوا بين ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما نهى عنه في هذا وغيره؛ فما أمر به هو عبادة وطاعة وقربة، وما نهى عنه بخلاف ذلك، بل قد يكون شركاً كما يفعله أهل الضلال من المشركين وأهل الكتاب من ضاهاهم حيث يتخذون المساجد على قبور الأنبياء والصالحين ويصلون إليها وينذرون لها ويحجون إليها، بل قد يجعلون الحج إلى بيت المخلوق أفضل من الحج إلى بيت الله الحرام، ويسمونه ذلك الحج الأكبر، وصنف لهم شيوخهم في ذلك مصنفات كما صنف المفيد بن النعمان كتاباً في مناسك المشاهد سماه مناسك حج المشاهد، وشبه بيت المخلوق ببيت الخالق.

وأصل دين الإسلام أن نعبد الله وحده ولا نجعل له من خلقه نداً ولا كفواً ولا سمياً قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (مريم ٦٥) وقال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد} (الإخلاص ٠٠٤) وقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى ١١) وقال: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} (البقرة ٢٢) .

وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قلت يا رسول الله: أي الذنب أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله نداً، وهو خلقك)) قلت: ثم أي؟ قال: ((أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك)) قلت: ثم أي؟ قال: ((أن تزني بحليلة جارك)) (٢) .


(١) أخرجه البخاري ٨/٤٩٢ و ١٠/٤٣٣ و ١٢/٨٦ و ١٢/١٨٧ و ١٣/٤٩١ ومسلم ١/٩٠ وأبو داود ٢/٧٣٢ والترمذي ٥/٣٣٦ والنشائي ٧/٨٩.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب التفسير في تفسير البقرة والأدب باب رقم ٢٠ والتوحيد باب رقم ٢٠ والديات باب رقم (١) ، وأخرجه أيضاً في مواضع أخرى ورواه مسلم ١/٩٠ ورواه أبو داود في الطلاق باب رقم ٥٠ والترمذي في التفسير.

<<  <   >  >>