للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صوم يومي العيدين (١) ، وإن كانت الصلاة والصيام من أفضل العبادات، ولو فعل ذلك إنسان قبل العلم بالسنة لم يكن عليه إثم.

فالطوائف متفقة على أنه ليس مستحباً، وما علمت أحد أحداً من أئمة المسلمين قال: إن السفر إليها مستحب، وإن كان قاله بعض الأتباع فهو ممكن، وأما الأئمة المجتهدون فما منهم من قال هذا، وإذا قيل هذا كان قولاً ثالثاً في المسألة، وحيئنذ فبين لصاحبه أن هذا القول خطأ مخالف للسنة ولإجماع الصحابة، فإن الصحابة في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وبعدهم إلى انقراض عصرهم لم يسافر أحد منهم إلى قبر نبي ولا رجل صالح، وقبر الخليل عليه السلام بالشام لم يسافر إليه أحد منهم من الصاحبة وكانوا يأتون بيت المقدس ويصلون فيه ولا يذهبون إلى قبل الخليل ولم يكن ظاهراً، بل كان في البناء الذي بناه سليمان عليه السلام؛ ولا كان قبر يوسف يعرف، ولكن أظهر ذلك بعد أكثر من ثلاثمائة سنة من الهجرة، ولهذا وقع فيه نزاع فكثير من أهل العلم ينكره، ونقل ذلك عن مالك وغيره، لأن الصحابة لم يكونوا يزورنه فيعرف، ولما استولى النصارى على الشام نقبوا البناء الذي كان على الخليل واتخذوا المكان كنيسة، ثم لما فتح المسلمون البلد بقي مفتوحاً.

وأما على عهد الصحابة فكان قبر الخليل عليه السلام مثل قبر نبينا صلى الله عليه وسلم، ولم يكن أحد من الصحابة يسافر إلى المدينة لأجل قبر النبي صلى الله عليه وسلم، بل كانوا يأتون فيصلون في مسجده ويسلمون عليه في الصلاة ويسلم من يسلم عند دخول المسجد والخروج منه وهو مدفون في حجرة عائشة فلا يدخلون الحجرة ولا يقفون خارجاً عنها في المسجد عند السور (٢) ، وكان يقدم في خلافة أبي بكر وعمر امتداد اليمن الذين فتحوا الشام والعراق،


(١) يشير إلى ما رواه البخاري ٤/٢٣٨-٢٤١، فتح ومسلم ٣/٧٩٩-٨٠٠ من حديث عمر وأبي سعيد وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((نهى عن صوم يوم الفطر والنحرة)) راجع الإرواء ٤/٩٢٤ وصحيح الجامع ٦٨٣٩.
(٢) قلت: أما الآن فقد أصبح الناس يقبلون الشبك ويتمسحون به ويربطون عرضه الخيوط بنبات فاسدة منهم من يقصد أن ذلك العمل يجعله يعود السنة القادمة ومنهم من أجل= =ألا يحدث بينه وبين زوجته شقاق وطلاق ومنهم من أجل أن يتزوج ومنهم من أجل المحبة وهلم جرا وبعضهم يكتب رسالة ويرسلها مع الحاج أو المعتمر وهو بدوره يرميها إلى جانب القبر وفيها الشركيات والاستغاثات وطلب الحاجات، وهكذا في سور مقبرة البقيع يفعل مثل هذا بل رأيت كثيراً من الجهال وخصوصاً من= =الأعاجم من يبقى الساعات الطوال متجهاً إلى القبر، وهذا من خارج المسجد رافعاً يديه يدعو وخصوصاً الإيرانيون.

<<  <   >  >>