للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبله، وكل ذلك باتباع المتشابه وما لا يصح من الحديث وترك النصوص المحكمة الصحيحة الصريحة.

وقوله أن من منع زيارة قبره فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، وليس لنا ذلك جوابه أن يقال: أما من منع مما منع الله ورسوله منه وحذر مما حذر منه الرسول بعينه ونبيه على المفاسد التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم بتعظيم القبور وجعلها أعياداً واتخاذها أوثناناً ومناسك يحج إليها كما يحج إلى البيت العتيق، ويوقف عندها للدعاء والتضرح والابتهال كما يفعل عند مناسك الحج وجعلها مستغاثاً للعالمين، ومقصداً للحاجات ونيل الرغبات وتفريج الكربات.

فإنه لم يشرع ديناً لم يأذن به الله، وإنما شرعه من خالف ذلك ودعا إليه ورغب فيه وحض النفوس عليه، واستحب الحج إلى القبر وجعله عيداً يجتمع إليه كما يجتمع للعبد، وجعله منسكاً للوقوف والسؤال والاستغاثة به، فأي الفريقين الذي شرع من الدين ما لم يأذن به الله إن كنتم تعلمون.

ونحن نناشد عباد القبور: هل هذا الذي ذكرناه عنهم وأضعافه كذب عليهم، أو هو أكبر مقاصدهم وحشو قلوبهم، والله المستعان.

قوله: والقرآن كله والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة وسير الصحابة والتابعين وجميع علماء المسلمين والسلف الصالحين على وجوب تعظيم الني صلى الله عليه وسلم والمبالغة في ذلك - جوابه أنه قد عرف بما قررناه أهل تعظيمه المتبعون له الموافقون لما جاء به والتارك لتعظيمه بتقرير خلاف ما جاء به والحض على ما حذر منه والتحذير مما رغب فيه وترك ما جاء به لآراء الرجال وعقولهم وتقريره وتقرير سلفه أن اليقين والهدى لا يستفاد بكلامه، وأن ما عليه عباد القبور هو من الغلو لا من التعظيم الذي هو من لوازم الإيمان فلا حاجة إلى إعادته.

قوله: ومن تأمل القرآن وما تضمنه من التصريح والإيماء إلى وجوب المبالغة في تعظيمه وتوقيره والأدب معه، وما كنت الصحابة تعامله به من ذلك امتلأ قلبه إيماناً واحتقر هذا الخيال الفاسد واستكشف أن يصغي إليه، وجوابه: أن يقال: أنت وأضرابك من أقل الناس نصيباً من ذلك التعظيم، وإن كان نصيبكم من الغلو الذي ذمه وكره ونهى عنه نصيباً وافراً، فإن أصل هذا التعظيم وقاعدته التي يبنى عليها هو طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، وأنت وأضرابك اكتفيتم من طاعته بأن أقمتم غيره مقامه: تطيعونه فيما قاله

<<  <   >  >>