للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صرح غير واحد من المتقدمين والمتأخرين من الشافعية وغيرهم بتضعيف الحديث المروي عن ابن عمر في هذا الباب، حتى أن الشيخ أبا ذكريا النووي في شرح المهذب لما ذكر قول أبي إسحاق: ويستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) قال النووي: أما حديث ابن عمر فرواه أبو بكر البزار والدارقطني (١) والبيهقي بإسنادين ضعيفين جداً يعني الإسناد الذي فيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري والإسناد المتقدم الذي فيه موسى بن هلال العبدي.

ولقد صدق الشيخ أبو زكريا فيما قاله في هذا الحديث، وأما هذا المعترض فإنه خالف من قبله من أهل العلم وأخذ يقوي حديث موسى بن هلال، ويرد على من وضعه، ثم أخذ يشير إلى تقوية حديث الغفاري وجملة شاهداً لحديث العبدي فقال: وعبد الله بن إبراهيم الغفاري، يقال إنه من ولد أبي ذر، روى له أبو داود والترمذي، ثم ذكر قول أبي داود وابن عدي والبزار فيه.

ثم قال: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى له الترمذي وابن ماجة وضعفه جماعة، وقال ابن عدي: إن له أحاديث حساناً وإنه ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم، وإنه ممن يكتب حديثه وصحح الحاكم حديثاً من جهته سنذكره في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم.

قال: وإذا كان المقصود من هذا الحديث تقوية الأول به وشهادته له لم يضر ما قيل في هذا الرجلين، إذ ليس راجعاً إلى تهمة كذب. ولا فسق، ومثل هذا يحتمل فيه المتابعات والشواهد.

هذا كله كلام المعترض ولا يخفى ما فيه من الضعف والسقوط على أقل من له بصيرة؛ وإني لأتعجب منه كيف قلد الحاكم فيما صححه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الذي رواه في التوسل، وفيه قول الله لآدم: لولا محمد ما خلفتك مع أنه حديث غير صحيح ولا ثابت، بل هو حديث ضعيف الإسناد جداً، وقد حكم عليه بعض الأئمة بالوضع وليس إسناده من الحاكم إلى عبد الرحمن بن زيد بصحيح، بل هو مفتعل على عبد الرحمن كما سنبينه، ولو كان صحيحاً إلى عبد الرحمن لكان ضعيفاً غير محتج به، لأن عبد الرحمن في طريقه.

وقد أخطأ الحاكم في تصحيحه وتناقض تناقضاً فاحشاً كما عرف له ذلك في مواضع فإنه قال في كتاب الضعفاء بعد أن ذكر عبد الرحمن منهم، وقال: ما حكيته عنه فيما تقدم


(١) انظر: سنن الدارقطني ٢/٢٧٨ وسنن البيهقي ١٥/٢٤٥.

<<  <   >  >>