للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن عمر قال: قال رسول الله: ((من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي)) (١) وقد رواه عنه غير واحد وعندهم معروف من طريقة وهو عندهم ضعيف في الحديث إلى الغاية، حجة في القرآن قال يحيى بن معين: حفص ليس بثقة، وقال البخاري: تركوه.

ثم سرد الشيخ كلام الأئمة فيه، وقال (٢) : وقد رواه الطبراني في المعجم من حديث الليث بن بنت ليث بن أبي سليم عن زوجة جده عائشة عن ليس، وهذا الليث وزوجه جده مجهولان، ونفس المتن باطل، فإن الأعمال التي فرضها الله ورسوله لا يكون الرجل بها مثل الواحد من الصحابة، بل في الصحيحين (٣) عنه أنه قال: ((لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) فالجهاد والحج ونحوهما أفضل من زيارة قبره باتفاق المسلمين، ولا يكون الرجل بهما كمن سافر إليه في حياته ورآه، كيف وذاك إما أن يكون مهاجراً إليه كما كانت الهجرة قبل الفتح، أو من الوفود الذين كانوا يفدون إليه يتعلمون الإسلام ويبلغونه عنهم إلى قومهم، وهذا عمل لا يمكن أحداً بعدهم أن يفعل مثله.

ومن شبه من زار قبر شخص بمن كان يزوره في حياته فهو مصاب في عقله ودينه، والزيارة الشرعية لقبر الميت مقصودها الدعاء له والاستغفار كالصلاة على جنازته والدعاء المشروع المأمور به في حق نبينا كالصلاة عليه والسلام عليه، وطلب الوسيلة له مشروع في جميع الأمكنة لا يختص بقبره عمل صالح تمتاز به تلك البقعة، بل كل عمل صالح يمكن فعله هناك يمكن فعله في سائر البقاع.

لكن مسجده أفضل من غيره فالعبادة فيه فضيلة يكونها في مسجده كما قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) (٤) والعبادات المشروعة فيه بعد دفنه، مشروعة فيه قبل أن يدفن النبي صلى الله عليه وسلم في حجرته، وقبل أن تدخل حجرته في المسجد، ولم يتحدد بعد ذلك فيه عبادة غير العبادات التي كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وغير ما شرعه هو لأمته، ورغبهم فيه ودعاهم إليه، وما يشرع للزائر من صلاة وسلام ودعاء له وثناء عليه، كل ذلك مشروع في مسجده في حياته، وهي مشروعة في


(١) تقدم الكلام عليه.
(٢) الرد على الأخنائي ص١٤٤.
(٣) تقدم صفحة ٧٦ حاشية (١)
(٤) تقدم في صفحة ٥٩ حاشية (١)

<<  <   >  >>