للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زجر ويطردونهم من المساجد أقبح الطرد، حتى لقد كان بعض الصحابة يستعين في ذلك برجال الشرط. يروي ابن أبي شيبة، والمروزي عن مجاهد قال: دخل قاص فجلس قريبا من ابن عمر، فقال له: قم، فأبى أن يقوم فأرسل إلى صاحب الشرط، فأرسل إليه شرطيا فأقامه"، وسترى كثيرا من أمثال هذه الآثار التي بها يتضح لك أن أعلام الدين من الصحابة، والتابعين كانوا واقفين لهؤلاء الوضاعين بالمرصاد، معقبين على أقوالهم، وأفعالهم بالإبطال، حتى لا تقع العامة في حبالتهم، فيضلوا عن طريق السداد.

وكما ناهضوا الوضاعين، وكشفوا عن حقيقة أمرهم، بذلوا جهودا جبارة في جمع الأحاديث وروايتها، وتعلمها وتعليمها، والرحلة في طلبها، وإليك تفصيل ذلك:

أولا: اتساع الفتوح الإسلامية، وتفرق الصحابة في الأمصار:

اتسعت المملكة الإسلامية بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، اتساعا عظيما على يد أصحابه، تحقيقا لوعد الله الذي لا يتخلف: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} الآية. فقد فتح الشام كله، والعراق بأكمله في سنة سبع عشرة هجرية. وفتحت مصر سنة عشرين من الهجرة. وفتحت فارس سنة إحدى وعشرين. ووصل المسلمون سمرقند سنة ست وخمسين، وأخذت أسبانيا سنة ثلاث وتسعين.

هذا وكان على أثر هذه الفتوح أن دخل كثير من أهلها الإسلام، وتعطشت نفوسهم إلى تعلم أحكامه، فكان لزاما على خلفاء المسلمين أن

<<  <   >  >>