للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول له: عد لحديث كذا وكذا فيعود له. فقال له: ما أدري أعرفت حديثي كله، وأنكرت هذا أم أنكرت حديثي كله، وعرفت هذا. فقال له ابن عباس: إنا كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا لم يكن يكذب عليه فلما ركب الناس الصعبة، والذلول تركنا الحديث عنه. وهذا مجاهد يقول: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس، فجعل يحدث، ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه فقال: يا ابن عباس. ما لي أراك لا تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تسمع؟، فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعبة، والذلول لم نأخذ من الناس، إلا ما نعرف ذكر هذه الآثار مسلم في مقدمة صحيحة.

هذا وهناك صنف من الوضاعين، كان شرا مستطيرا على الحديث، ألا وهم القصاص الذين يستهوون العامة بالمناكير، ويأخذون عليهم قلوبهم برواية الغرائب، التي لا أصل لها، وقد وجد منهم في هذا الدور خلق كثير.

فهذا هو الشعبي التابعي العظيم، أحد أعيان المائة الأولى للهجرة "١٧-١٠٤" يقول: بينما عبد الملك بن مروان جالس، وعنده وجوه الناس من أهل الشام قال لهم: من أعلم أهل العراق قالوا: ما نعلم أحدا أعلم من عامر الشعبي. فأمر بالكتاب إلي، فخرجت إليه حتى نزل "تدمر"، فوافقت يوم جمعة، فدخلت أصلي في المسجد، فإذا غلى جانبي شيخ عظيم اللحية، قد أطاف به قوم فحدثهم قال: حدثني فلان، عن فلان يبلغ به النبي صلى الله عله وسلم: أن الله تعالى خلق صورين في كل صور

<<  <   >  >>