للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو في كتاب الله. فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف، فما وجدته فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه. أما قرأت: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، قالت: بلى. قال: فإنه قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورُوي أن طاوسا كان يصلي ركعتين بعد العصر، فقال له ابن عباس: اتركهما فقال: إنما نهى عنهما أن تتخذا سنة. فقال ابن عباس: قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن صلاة بعد صلاة العصر، فلا أدري أتعذب عليهما أم تؤجر؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ، وعن عمران بن حصين أنه قال لرجل: "إنك امرؤ أحمق أتجد في كتاب الله الظهر أربعا، لا يجهر فيها بالقراءة، ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحو هذا. ثم قال: أتجد ذلك في كتاب الله مفسرا. إن كتاب الله أبهم هذا، وإن السنة تفسر ذلك". ذكر هذه الآثار كلها ابن عبد البر في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" "٢-١٨٨".

وأما ما استندوا إليه فشبه واهية نجيب عنها بما يأتي:-

١- المراد من قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} أن القرآن بيان لأمور الدين، إما بطريق النص أو بالإحالة على السنة، وإلا لناقض قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} .

٢- وأما قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ، فالمراد بالكتاب فيه اللوح المحفوظ لا القرآن بدليل السياق. قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} ، أي مكتوبة أرزاقها وآجالها، وأعمالها كما كتبت أرزاقكم، وآجالكم، وأعمالكم

<<  <   >  >>