للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{مَا فَرَّطْنَا} أي ما تركنا وما أغفلنا {فِي الْكِتَابِ} أي في اللوح المحفوظ {مِنْ شَيْءٍ} أي من ذلك لم نكتبه، ولم نثبت ما وجب أن يثبت مما يخص به {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} يعنى الأمم كلها من الدواب والطير، فيعوضها وينصف بعضها من بعض، أفاده في الكشاف وعلى تقدير أن المراد بالكتاب هنا القرآن فتأويله: ما فرطنا فيه من شيء من أمور الدين، فهو دال عليها إما بطريق النص، أو بالإحالة على السنة كما سبق.

٣- وأما الحديث الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أئمة الحديث أنه مكذوب، وضعته الزنادقة والخوارج.

قال الحافظ ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ما نصه: "أمر الله عز وجل بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم واتباعه أمرا مطلقا مجملا لم يقيد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل: إذا وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ. قال عبد الرحمن بن مهدي: الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث؛ يعني ما رووا عنه صلى الله عليه وسلم: "ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته. وإن خالف كتاب الله فلم أقله. وإنما أنا موافق كتاب الله وبه هداني الله".

وهذه الألفاظ لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم، وقالوا: نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء، ونعتمد على ذلك قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه مخالفا لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله أنه لا يقبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله؛ بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به، والأمر بطاعته، ويحذر من المخالفة عن أمره جملة على كل حال. اهـ "٢-١٩٠".

<<  <   >  >>