للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب بيده ويعي بقلبه، وكنت أعي ولا أكتب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة عنه، فأذن له١ إسناده حسن. أفاد هذا الحديث أن عبد الله بن عمرو استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث، فأذن له وأنه لم يكن به آفة تضطره إلى الكتابة، بدليل قول أبي هريرة "فإنه كان يكتب بيده، ويعي بقلبه"، وأن موضوعه ليس بخاص، بل هو عام في الأحاديث كلها.

وأما حديث أبي هريرة الثالث عند الترمذي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، أذن لرجل سيئ الحفظ بأن يستعين بيمينه"، فواضح الدلالة على أنه يجوز لمن كان على مثل حال هذا الرجل أن يستعين بالكتابة، وذلك لا يمنع جواز الكتابة لمن كان حسن الحفظ، فإن ذلك آكد لحفظه.

ولعل صاحب المنار يقصد بإيراد حديث الترمذي المذكور، عقب حديث البخاري في كتابة عبد الله بن عمرو، أن عبد الله هو ذلك الرجل الذي كان سيئ الحفظ، وقد ذكرنا ما يبطل ذلك. وقد مر بك في ترجمة عبد الله بن عمرو السبب في قلة ما وصل إلينا من حديثه بالنسبة لأبي هريرة، مع أنه جمع إلى حفظ الحديث كتابته.

مناقشته في حديث صحيفة علي، وكتاب عمرو بن حزم:

بعد أن سلم الشيخ بصحة الحديثين، ادعى أن كلا منهما في موضوع خاص. وقد أبطلنا فيما سبق أن خصوص المكتوب، أو الكاتب لا يدل على المنع من الكتابة في غير المكتوب أو لغير الكاتب. فإن السنة وحي من الله يجب على الناس تبليغها، ومن وسائل ذلك التبليغ: الكتابة.


١ انظر جـ١ ص١٤٨.

<<  <   >  >>