للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الدين والقضاء على الأصل الثاني من أصوله، وهو الحديث النبوي عمدة المسلمين في الأحكام وفهم القرآن.

يروي السيوطي في تاريخ الخلفاء١ عن ابن عساكر، عن ابن علية أنه قال: أخذ هارون الرشيد زنيقا، فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عني؟. قال له: أريح العباد منك. قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله كلها ما فيها حرف نطق به؟، قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري، وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا". ا. هـ.

فمن هذه الحادثة تلمح الحالة، التي أصابت الحديث من عمل الزنادقة، كما ترى منها جهود المحدثين في ذلك العصر لتنقية الحديث، والتمييز بين الغث والسمين. فهذا زنديق واحد يضع ألف حديث، ولو امتد به الأجل لوضع الآلاف المؤلفة فما بالك بالزنادقة الكثيرين، الذين أخذوا يضعون الأحاديث في الخفاء؟.

كان من الزنادقة من يكتب الحديث لشيخه فينتهز غفلة شيخه، ويدس في الكتاس كثيرا من الأحاديث المكذوبة، فيرويها الشيخ على أنها من حديثه. وكان المهدي العباسي يقول: أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربعمائة حديث، فهي تجول في أيدي الناس إلى غير ذلك، مما شحنت به كتب الموضوعات.

ثالثا: القصاص:

احترف القصص طائفة من الجهلة بالحديث، الذين رق دينهم ليتكسبوا به، ولتكون لهم عند عامة الناس الحظوة، والصدارة ولقد لاقى المحدثون


١ ص١٩٤.

<<  <   >  >>