الصادقين عن رسول الله صلى الله وسلم ... قال: فاذكر شيئا أن حضرك. قلت: قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ، قال: فقد علمنا أن الكتاب كتاب الله. فما الحكمة؟. قلت: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أفيحتمل أن يكون يعلمهم الكتاب جملة، والحكمة خاصة وهي أحكامه؟ قلت: تعني بأن يبين لهم عن الله عز وجل مثل ما بين لهم في جملة الفرائض من الصلاة، والزكاة والحج وغيرها، فيكون الله تعالى قد أحكم فرائض من فرائضه بكتابه، وبين كيف هي على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، قال: إنه ليحتمل ذلك. قلت: فإن ذهبت هذا المذهب، فهو في معنى الأول قبله الذي لا تصل إليه، إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن ذهبت مذهب تكرير الكلام؟، قلت: وأيهم أولى به إذا ذكر الكتاب والحكمة أن يكونا شيئين أو شيئا واحدا. قال: يحتمل أن يكونا كما وصفت كتابا، وسنة فيكونا شيئين، ويحتمل أن يكونا شيئا واحدا، قلت: فأظهرهما أولاهما وفي القرآن دلالة على ما قلنا، وخلاف ما ذهت إليه قال: وأين؟.
قلت: قول الله عز وجل. {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} ، فأخبر أنه يتلى في بيوتهن شيئان.
قال: فهذا القرآن يتلى فكيف تتلى الحكمة؟، قلت: إنما معنى التلاوة أن ينطق بالسنة كما ينطق بالقرآن. قال: فهذه أبين في أن الحكمة غير القرآن من الأولى. وقلت: افترض الله علينا اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم، قال: وأين؟. قلت: قال الله عز وجل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} . وقال الله عز وجل:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه} .