نسخت الوصية للوالدين والأقرين، فلو كنا ممن لا يقبل الخبر فقال قائل: الوصية نسخت الفرائض، هل نجد الحجة عليه إلا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: هذا شبيه بالكتاب والحكمة، والحجة لك ثابتة بأن علينا قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد صرت إلى أن قبول الخبر لازم للمسلمين لما ذكرت، وما في مثل معانيه من كتاب الله، وليست تدخلني أنفة من إظهار الانتقال، عما كنت أرى إلى غيره إذا بانت الحجة فيه، بل أتدين بأن علي الرجوع عما كنت أرى إلى ما رأيته الحق، وهنا سأل المناظر عن العام في القرآن، يبقى على عمومه مرة ويخصص مرة، فأجابه الإمام بأمثلة كثيرة ثم قال للمناظر: "فقد بان لك في أحكام الله تعالى في كتابه فرض طاعة رسوله، والموضع الذي وضعه الله عز وجل به من الإبانة عنه، ما أنزل خاصا، وعاما، وناسخا، ومنسوخا.
قال: نعم، وما زلت أقول بخلاف هذا حتى بأن لي خطأ من ذهب هذا المذهب، ولقد ذهب فيه أناس مذهبين. أحد الفريقين لا يقبل خبرا، وفي كتاب الله البيان. قلت: فما لزمه؟. قال: أفضى به ذلك إلى عظيم من الأمر فقال: من جاء بما يقع عليه اسم صلاة، وأقل ما يقع عليه اسم زكاة، فقد أدى ما عليه لا وقت في ذلك ولو صلى ركعتين في كل يوم، أو في كل أيام. وقال: ما لم يكن فيه كتاب الله فليس على أحد فيه فرض، وقال غيره: ما كان فيه قرآن يقبل فيه الخبر، فقال بقريب من قوله فيما ليس فيه قرآن، فدخل عليه ما دخل على الأول أو قريب منه. ودخل عليه أن صار إلى قبول الخبر بعد رده، وصار إلى ألا يعرف ناسخا، ولا منسوخا، ولا خاصا، ولا عاما، وأخطأ. قال: ومذهب الضلال في هذين المذهبين واضح لست أقول بواحد منهما. ولكن هل من حجة في أن تبيح المحرم بإحاطة بغير إحاطة؟ قلت: نعم. قال: ما هو، قلت: ما تقول في هذا الرجل