للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه وإن كان متسع الحفظ لاشتغاله بالاستنباط، وكذلك لم يرو عن مالك والشافعي، إلا القليل بالنسبة إلى ما سمعاه للسبب نفسه، كما قلت رواية أمثال أبي بكر، وعمر من كبار الصحابة رضي الله عنهم، بالنسبة إلى كثرة اطلاعهم وقد كثرت رواية من دونهم بالنسب إليهم". ا. هـ. ثم ساق أخبارا تدل على كثرة ما عند أبي حنيفة من الحديث، ثم سرد أسانيده في رواية مسانيد أبي حنيفة السبعة عشر لجامعيها، تدليلا على كثرة حديثه. هذا ولأبي حنيف مسانيد أخرى، غير السبعة عشر منها مسند أبي حنيفة للدارقطني، ومسنده لابن شاهين، ومسنده للخطيب، ومسنده لابن عقده.

وذكر البدر العيني في تاريخه الكبير: أن سند أبي حنيفة لابن عقده، يحتوي وحده على ما يزيد على ألف حديث، وابن عقدة كما قال السيوطي في "التعقبات" من كبار الحفاظ، وثقة الناس وما ضعفه إلا متعصب١. ا. هـ.

٢- زعمهم أنه كان يقدم الرأي على الحديث زعم باطل على إطلاقه. بل كانت طريقته في الاستنباط ما قاله عن نفسه: "إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآثار الصحاح عنه، التي فشت في أيدي الثقات، فإذا لم أجد في كتاب الله، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذت بقول أصحابه من شئت، وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم فإذا انتهى الأم إلى إبراهيم والشعبي، والحسن، وابن سيرين، وسعيد بن المسيب وعدد رجالا قد اجتهدوا فلي أن أجتهد كما اجتهدوا"٢. ا. هـ. ومن ذلك ترى أنه يأخذ بقول الصحابي، إذا أعوزته السنة الصحيحة عنده، ويقدمه على اجتهاده فكيف ينسب إليه، أنه يقدم الرأي على السنة، بل نقول: إن الإمام كان شديد


١ تأنيب الخطيب ص١٥٦.
٢ تاريخ التشريح للخضري ص٢٤٤.

<<  <   >  >>