للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع ذلك فقد أنكروا عليه، وبين أبو سعيد الخدري أن من قال لمروان: "الصلاة قبل الخطبة"، قد قضى ما عليه، وهو إنكار المنكر بلسانه حيث عجز عن إزالته بيده، ثم روى الحديث الدال لما يقول على ملأ من الناس ومروان يسمع، ودعوى أن رجاء بن حيوة روى: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده كانوا يخطبون من جلوس"، دعوى كاذبة ليست إلا في أوهام هؤلاء المسشرقين، ولا يعقل بحال أن يختلق عالم جليل ومحدث أمين كرجاء حادثة يكذبها الواقع والحس، أمام كثير من الصحابة والتابعين، ثم يعدونه بعد ذلك من ثقاة الرواة، وأساطين المحدثين.

ثم نقول ثانيا: لا يبعد أن يكون التنافس السياسي بين الأمويين، والعباسين له أثر في خفاء بعض الأحاديث، وظهور بعض آخر منها، ولكن الذي لا نقره أن ينسب ذلك إلى حفاظ السنة ورواة الحديث الموثوق بهم، فإن هؤلاء جدوا في خدمة السنة تحملا وأداء، وذبوا عنها الكذب بكل ما أوتوا من قوة، ولم يكتموا شيئا مما ثبت لديهم، أنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهما لقوا من عنت واضطهاد، ولقد دلتنا أخبارهم على أنهم كانوا أشجع الناس في الحقد، وأجرأهم على الحكام، وأصبرهم على الأذى وأخشاهم لله، وأحرصهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى أن كان أحدهم ليرحل الليالي ذوات العدد إلى الخليفة، إذا بلغه أنه خالف شيئًا، مما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدون من بعده.

رابعا: أخذ هؤلاء القوم يؤيدون ما ذهبوا إليه، من أن أكثر الأحاديث من وضع العلماء في القرن الأول، والثاني بما ورد من كلام علماء الجرح، والتعديل كقول عاصم بن نبيل المتوفى سنة ٢١٢: ما رأيت الصالح يكذب في شيء أكثر من الحديث، وقول يحيى بن سعيد القطان

<<  <   >  >>