للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- ومن الخطأ البين والكذب الفاضح دعواهم أن أبا هريرة رضي الله عنه، زاد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أو كلب زرع"، لمصلحته بناء على ما فهموه من قول ابن عمر رضي الله عنه.

والصواب أن قول ابن عمر هذا تثبيت منه لأبي هريرة فيما قال: لا تكذيب له بدليل أنه رواه بعد ذلك كما رواه أبو هريرة، وأن أبا هريرة لم ينفرد بهذه الزيادة وحده، بل رواه كذلك من الصحابة عبد الله بن مغفل، وسفيان بن أبي زهير. قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: "ليس هذا -يعني قول ابن عمر أن لأبي هريرة زرعا- توهينا لرواية أبي هريرة، ولا شكا فيها بل معناه أنه لما كان صاحب زرع، وحرث اعتنى بذلك، وحفظه، وأتقنه والعادة أن المبتلى بشيء يتقنه ما لا يتقنه غيره، ويتعرف من أحكامه ما لا يعرفه غيره. وقد ذكر مسلم هذه الزيادة، وهي "كلب زرع" من رواية ابن المغفل، ومن رواية سفيان بن أبي زهير، عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرها أيضا مسلم من رواية ابن الحكم -واسمه عبد الرحمن بن أبي نعيم البجلي- عن ابن عمر، فيحتمل أن ابن عمر لما سمعها من أبي هريرة، وتحققها عن النبي صلى الله عليه وسلم رواها عنه بعد ذلك، وزادها في حديثه الذي كان يرويه بدونها، ويحتمل أنه تذكر في وقت أنه سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، فرواها ونسيها في وقت فتركها. قال: والحاصل أن أبا هريرة ليس منفردا بهذه الزيادة، بل وافقه جماعة من الصحابة في روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو انفرد بها لكانت مقبولة مرضية مكرمة١، ا. هـ من شرح مسلم في باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخة وبيان تحريم اقتنائها، إلا لصيد أو زرع، أو ماشية ونحو ذلك من كتاب المساقاة والمزارعة.


١ جـ ٦ ص٤٥٢-٤٥٣ من هامش القسطلاني.

<<  <   >  >>