للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل البصرة فأما مدينة مدينة السلام "بغداد"، فقد خرج منها جماعة من أئمة الحديث -وذكر أسماءهم وطبقاتهم- لا يذكر عنهم، وعن أقرانهم التدليس إلا أبي بكر محمد بن سليمان الباغندي الواسطي، فإن اخذ أحد من أهل بغداد فعن الباغندي وحده. ا. هـ باختصار١.

وهذا من أئمة الحديث غاية في البحث، والتحري عن أحوال الرواة في جميع المواطن، مما يدل على أنهم بذلوا جهودا جبارة في خدمة الحديث.

٣- وأما الحكم بالوضع على أحاديث صحت أسانيدها، فهذا من العلماء نهاية الأمانة، وغاية التحري واليقظة، وأنه لم يرج عليهم ما كان يفعله بعض أهل الزيغ، والجهلة من تركيب حديث مختلق على إسناد مقبول. وهذا يدل على عكس ما يدعونه.

٤- ومن الباطل دعوى أن العلماء اتجهوا في نقد الأحاديث، إلى عرض متونها على كتاب الله من غير نظر إلى الإسناد، وأنه شجعهم على ذلك حديث "سيكثر التحديث عني، إلخ"، ثم الاستدلال بذلك على أن الحديث أكثره من وضع العلماء.

والمعروف عند المحدثين في قبول الأحاديث، أنه لا بد من أن يتصل السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برواية الثقة مع سلامة متن الحديث من الشذوذ، والعلة، وأنه لا يغني في ذلك سلامة الإسناد من غير نظر إلى المتن، ولا سلامة المتن من غير نظر إلى الإسناد. وأما حديث "سيكثر التحديث عني، فمن حدثكم بحديث فاعضروه على كتاب الله فما وافقه فهو مني قلته، أو لم أقله"، فهو حديث باطل بإجماع أئمة الحديث، وضعه الزنادقة لترويج الأحاديث الموضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العوام والجهلة.


١ انظر معرفة علوم الحديث للحاكم ص١١١-١١٢.

<<  <   >  >>