للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأحاديث. ومن شأن العوام القعود عند القاصد ما كان حديثه عجبا خارجا عن فطر العقول، أو كان رقيقا يحزن القلوب، ويستغزر العيون.

فإذا ذكر الجنة. قال: فيها الحوراء من مسك أو زعفران، وعجيزتها ميل في ميل. ويبوئ الله تعالى وليه قصرا من لؤلؤة بيضاء. فيه سبعون ألف مقصورة في كل مقصورة سبعون ألف قبة، في كل قبة سبعون ألف فراش على كل فراش سبعون ألف كذا وكذا، فلا يزال في سبعين ألف كذا وسبعين ألف كذا، كأنه يرى أنه لا يجوز أن يكون العدد فوق السبعين ألفا، ولا دونها ويقول: لأصغر من في الجنة منزلة عند الله من يعطيه الله تعالى مثل الدنيا كذا وكذا ضعفا. وكلما كان هذا أكثر كان العجب أكثر، والقعود عنده أطول، والأيدي بالعطاء إليه أسرع. والله تبارك وتعالى يخبرنا في كتابه بما في جنته بما فيه مقنع عن أخبار القصاص، وسائر الخلق إلى أن قال: ثم يذكر آدم عليه السلام. ويصفه فيقول: كان رأسه يبلغ السحاب أو السماء، ويحاكها فاعتراه لذلك الصلع، ولما هبط على الأرض بكى على الجنة، حتى بلغت دموعه البحر وجرت فيها السفن، ويذكر داود عليه السلام، فيقول: سجد لله تعالى أربعين ليلة، وبكى حتى نبت العشب بدموع عينيه، ثم زفر زفرة هاج له ذلك النبات، ويذكر عصا موسى عليه السلام، فيقول: كان نابها كنخلة سحوق، وعينها كالبرق الخاطف وعرفها كذا ثم قال: ويذكر عبادا أتاهم يونس عليه السلام في جبل لبنان فيخبرهم عن الرجل منهم أنه كان يركع ركعة في سنة ويسجد نحو ذلك، ولا يأكل إلا في كذا وكذا من الزمان ثم قال: "وأما الوجه الثالث الذي يقع فيه فساد الحديث، فأخبار متقادمة كان الناس في الجاهلية يروونها تشبه أحاديث الخرافة"، كقولهم أن الضب كان يهوديا عاقا، فمسخه الله تعالى ضبا، وكقولهم في الديك، والغراب أنهما كانا

<<  <   >  >>