ومن ذلك كله يعلم أن السنة موضحة للقرآن، ومبينة لمقاصده الكلية والجزئية.
الجواب الثاني:
فإن أبيت إلا أن تجعل الأحكام، التي جاءت بها السنة زيادة عما في القرآن من قبيل استقلال السنة بالتشريع، فلا يضيرنا ذلك بعد ما نطق القرآن نفسه بأن طاعة الرسول صل الله عليه وسلم، إنما هي طاعة لله عز وجل، وأنه لا ينطق عن الهوى، فلو كان لا يطاع إلا فيما يوافق القرآن لم تكن له طاعة خاصة وقد قال تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ، وقال:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ، كرر الفعل في الآية الأولى وجعل طاعته في الثانية طاعة لله إشارة إلى ما ذكرنا، وأنه يجب طاعته مطلقا وأما قوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ، فلا يفيد قصره صلى الله عليه وسلم على البيان، بل يستفاد من هذه الآية ومن الآيتين السابقتين، أنه يبين للناس كتاب الله، وأنه إذا جاوز البيان إلى غيره من الأحكام، التي لم يتعرض لها القرآن لا ينطق عن الهوى، وقد صرح بهذا طائفة من علماء السلف، فمن ذلك ما روي عن عبد الرحمن بن يزيد، أنه رأى محرما عليه ثيابه، فنهاه فقال: ائتني بآية من كتاب الله تنزع ثيابي فقرأ عليه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، وما روي عن طاوس أنه كان يصلي ركعتين بعد العصر، فقال له ابن عباس: اتركهما فقال: إنما نهى عنهما أن تتخذا سنة، فقال ابن عباس: قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن صلاة بعد العصر، فلا أدري أتعذب عليها أم