تؤجر؛ لأن الله تعالى قال:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الآية، وكذلك ما روي عن ابن مسعود حينما لعن الواشمة والمستوشمة، وقد تقدم "الموافقات٤-٢٤ إلى ٤٨".
هذا ونحن نرى أنه لا تخاف بين الجوابين على أصل الاعتراض، فمن قال: إن السنة لا تأتي بأحكام زائدة عما في القرآن، أراد أن القرآن اشتمل على جميع الأحكام، إما بطريق التفصيل، وإما بطريق الإجمال، ومن قال: إن السنة تأتي بأحكام زائدة عما في القرآن أراد بها الأحكام التفصيلية، التي لم ينص عليها صراحة في القرآن، وبذلك يلتقي القولان عند نقطة واحدة.
بيان السنة للقرآن في غير الأحكام: يقع على ثلاثة أضرب:
الأول: ما يرد موافقا لما في القرآن، فيكون مؤكدا له، ولا يخلو مع ذلك عن شرح، وبيان كحديث الخضر مع موسى عليه السلام في البخاري وغيره، فإنه يوافق القصة المذكورة عنهما في سورة الكهف.
الثاني: ما يرد مورد التوضيح والشرح، ومثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم:"يدعى نوح فيقال: هل بلغت فيقول: نعم فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد فيقال: من شهودك فيقول: محمد وأمته قال: فيؤتى بكم تشهدون أنه قد بلغ، فذلك قول الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} "، أخرجه البخاري، والترمذي.
الثالث: ما يرد على طريق الاستقلال، ومن أمثلته حديث جريج العابد، وحديث الأبرص والأقزع، والأعمى وحديث الصخرة، فهذه الأحاديث وما في معنها مؤكدة للمقاصد، التي جاء بها القرآن وحكمتها تنشيط المكلفين وتنبيه الغافلين.