جاءت الوفود تترى إلى رسول الله، كما جاءته الكتب والرسل من الملوك تخبره بإسلامه، ومفارقتهم للشرك وأهله، وكلما جاء وفد أكرمهم صلى الله عليه وسلم وأرشدهم، وعرفهم أمر دينهم، وبشرهم أنهم أطاعوا وحذرهم، وأفهمهم بما لهم وما عليهم. وكان قدوم الوفود سنة تسع من الهجرة، حتى سميت هذه السنة بسنة الوفود. ولم تكن هذه الوفود تأتي لنيل عطاء، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمهم، ويعطيهم من مال الله الذي آتاه، بل كانوا يأتون إليه، فيسألون عن أحكام الإسلام أصوله، وفروعه وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يتحدث إليهم في كل ذلك، ويجيبهم على أسئلتهم، ويخطب فيهم ويرشدهم ويعلمهم، ويوصيهم بتقوى الله والسمع، والطاعة.
وأن من يقرأ كتب السيرة النبوية، يجد أن وفودا كثيرة جدا، أقبلت عليه صلى الله عليه وسلم، حتى كأنه لم تبق قبيلة من قبائل العرب، إلا قدم منها وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد عرف الصحابة رضي الله عنهم تلك الوفود وفدا وفدا، وحفظوا ما حدثهم به النبي صلى الله عليه وسلم من حديث، وما خطبهم من خطب وما بثه فيهم من مواعظ، ونصائح وأحكام وسنن، حتى إنك لتجد كتب الحديث والسير، والمغازي مملوءة بذكر هذه الوفود، وما كان لها من أثر عظيم في نشر الدين، والسنن سواء ما كان من هذه الوفود في سنة تسع، وما كان قبلها.
وهاك بعض الوفود التي أقبلت عليه صلى الله عليه وسلم:
١- وفد بني سعد بن بكر، وكان وافدهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو ضمام بن ثعلبة، وفد على رسول الله سنة تسع من الهجرة، ولما