للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطاب يسمع هشام بن حكيم، يقرأ سورة الفرقان على غير ما يقرؤها هو فيلببه بردائه، ثم يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له: هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم هشاما بالقراءة، ويقول: "هكذا أنزلت"، ثم يأمر عمر بالقراءة، ويقول: "هكذا أنزلت ثم يقول: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه". والحديث مروي في البخاري، وغيره إلى غير ذلك من الأمثلة والحوادث، التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي فيها على النزاع، أو يصحح فيها الرواية عنه.

ومن ذلك نرى أن حياته عليه الصلاة والسلام، كانت قاضية على الخلاف إذا نشب، والشك إذا عرض بل والخاطر إذا هجس.

فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يعد هناك حارس للسنة إلا صدور الصحابة، فقد انقطع الوحي واشرأب النفاق، وارتد كثير من العرب، ومنع بعضهم الزكاة، فلا نعجب إذن من منافق يملي عليه نفاقه أن يكذب على رسول الله، ولا نعجب من بعض الأعراب، الذي يدعي أن رسالة محمد تنتهي بموته، أن يعبث بحديث رسول الله.

ولكن أبا بكر وقف وقفة الحيطة والحذر، فكما قلم أظفار المرتدين ومانعي الزكاة كذلك سد الباب في وجوه الكذابين، بما وضعه من قوانين الرواية.

وجاء عمر من بعده سائرا على نهجه، فأرهب الكذابين وخوف المكثرين وإليك طرفا من تلك الأعمال الجليلة.

أ- أمر الصحابة بتقليل الرواية:

نظر الخلفاء الراشدون، وتابعهم سائر الصحابة إلى السنة الشريفة، فألفوها كنوزا ثمينة في صدور الذين أوتوا العلم فلم، يشاءوا أن يعرضوها في سوق الرواية، لئلا يتخذ المنافقون من شيوع الحديث

<<  <   >  >>