للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه سلم ثلاث سنين، وأتى من الرواية عنه ما لم يأتب به أحد من السابقين الأولين، فلما أخبرهم بأنه كان ألزمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يشغله عن مجالسته تجارة، ولا بيع، ولا زرع ولا غرس، فحظ ما لم يحفظوا سكتوا عنه. ومع ذلك فقد كان أبو هريرة يمسك عن التحديث زمن عمر، الذي كان شديدا على الرواة حذرا من خطر الإكثار. فقد قيل لأبي هريرة: أكنت تحدث في زمن عمر هكذا؟، قال: لوكنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته".

كان عمر بن الخطاب يأمر الناس بتقليل الرواية، وكان مهيبا عند جميع الصحابة، روى الشعبي عن قرظة بن كعب أنه قال: خرجنا نريد العراق، فمشى معنا عمر إلى صرار فتوضأ، فغسل اثنتين ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيت معنا. فقال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن، كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم، جودوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، امضوا وأنا شريككم فلما قدم قرظة، قالوا: حدثنا، قال: نهانا عمر بن الخطاب"، وإنما ذكرنا هذه الرواية على فرض صحتها، وإلا فقد طعن فيا ابن عبد البر.

وهذا عبد الله بن الزبير يسأل الزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان، فيقول له: أما أني لم أفارقه ولكن سمعته يقول: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار"، وها زيد بن أرقم يقال له حدثنا فيقول: كبرنا ونسينا والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد والسائب بن يزيد يقول: صحبت سعد بن مالك من المدينة إلى مكة فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا"، والشعبي يقول: جالست ابن عمر سنة، فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا"، وكان أنس بن

<<  <   >  >>