للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا سكنى بعد الطلقة الثالثة، وأفتى بأن للمبتوتة النفقة والسكنى، لما وجد من قوله تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} وقال: لا نترك كتاب ربنا، وسنة نبينا لقول امرأة، لا ندري أصدقت أم كذبت أحفظت أم نسيت. إلى غير ذلك من المثلة، التي يكون للصحابة فيها العذر، فيظن من لا علم له بحقيقة الأمر، أنهم لا يعملون بالسنة وحاشاهم من ذلك.

الرد على من يزعم أن الصحابة كانوا لا يعتمدون على أخبار الآحاد:

هذا، وقد استدل فريق من الناس، على أن أخبار الآحاد لا يعتمد عليها في أمر الدين بما ثبت من توقف الصحابة فيها، وعدم عملهم بها بمجرد أن رويت لهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رد عليهم جمهو العلماء بأن هذا التوقف إنما كان لأمور طارئة، فلا يلزم منه رد جميع أخبار الآحاد.

على أن ما استدلوا به من ذلك أن صح زعمهم، إنما يدل على مذهب من يشترط العدد في الرواة، ولا يدل على مذهب من يشترط التواتر في قبول الخبر.

ثم نقول لهم إن هذه الآثار التي استندتم، إلا لا تخرج عن كونها أخبار آحاد، فكيف تستدلون بأخبار الآحاد على قولكم أن أخبار الآحاد ليست بحجة؟ هذا تناقض ظاهر. ثم إنه بالوقوف على جنس المعاذير في رد الأخبار، والتوقف فيها يزول هذا الاشتباه توقف النبي صلى الله عليه وسم، في قول ذي اليدين:

أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله، فهذا منه صلى الله عليه وسلم لأحد أمرين: إما؛ لأنه استبعد على ذي اليدين أن ينفرد بذلك، دون الجمع الغفير، فكان انفراده ذلك أمارة على غلطة، إذ الأقرب في مثل ذلك جواز الخطأ على الواحد دون الجمع الكثير، وإما؛ لأنه أراد أن يعلم أصحابه وجوب التوقف في مثل ذلك -وإن كان ذو اليدين صادقا- لئلا يتخذوها سنة، فيصدقوا الواحد مع سكوت الجماعة بدون توقف لا سيما، والجماعة كانت حاضرة

<<  <   >  >>