عن الإسلام زعما منهم أن الدين يموت بموت النبي المبعوث، حتى قال شاعرهم، والشعراء يتبعهم الغاوون:
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فيا لفهنا ما بال دين أبي بكر
أيورثها بكرا إذا مات بعده ... فتلك لعمر الله قاصمة الظهر
ولكن أبا بكر رضي الله عنه، وقف لهم وقفة البطل المغوار، والقائد المحنك، فقضى على الفتنة في مهدها، وأباد جراثيمها قبل أن يستفحل أمرها، وأعاد الشاردين إلى حظيرة الدين، فظلت أعناقهم لحكم الله خاضعين. ومكث أبو بكر سنتين وبضعة أشهر نشر الإسلام فيها رايته على بلاد فارس والروم. وعني رضي الله عنه بالقرآن فجمعه، وبالحديث فاحتاط له. ثم اختار للخلافة عمر بن الخطاب، فمد الفتوح طولا وعرضا، وشرقا وغربا. فاستولى على الشام كلها، وأخذ مصر وضم الجزيرة، وبقي في الخلافة عشرة أعوام وأشهرا لا يطمع قوي في حلمه، ولا يقنط ضعيف من عدله، بل ألزم القوي حده، وحفظ للضعيف حقه. وعمل على حفظ السنة من تقول المنافقين، وأشار على الصحابة، والبعوث بحفظ القرآن، والإفلال من الحديث، وهو في كل أموره متمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مضى زمن عمر والمسلمون وحدة قوية وأمة فتية. فلما ولي عثمان رضي الله عنه زاد الفتوح وتوسع فيها، وأمر بكتابة المصاحف، وفرقها على الأمصار، فقضى عل خلاف كاد يفرق المسلمين.
مكث رضي الله عنه في الخلافة اثني عشر عاما، قضى نصفها الأول