للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصغيرة التي يتمتعون فيها بقسط من الحرية.

وكان اتساع رقعة الإمبراطورية وانضواء كثير من الولايات الغنية مختلفة الموارد تحت لوائها سببًا في جعلها قادرة على الاكتفاء الذاتي من الناحية الاقتصادية؛ إذ لم تعوزها الموارد التي تحتاج إليها؛ فالأخشاب الجيدة التي تستخدم في البناء وصنع السفن والعربات والأسلحة والمعدات الحربية وغيرها كانت موجودة على الساحل الفينيقي وآسيا الصغرى وكريت وقبرص، والفضة والنُّحاس والحديد كانت تأتي من قبرص؛ كذلك ومن آسيا الصغرى يأتي النحاس والفضة، ومن إقليم كرمان كان يأتي الذهب والفضة، وإلى جانب هذه المعادن كانت أحجار البناء الجيدة تجلب من عيلام وتجلب الأحجار الكريمة وشبه الكريمة من جهات أخرى مختلفة، ومما زاد الحالة الاقتصادية إنعاشًا أن موارد الثروة السمكية في دجلة والفرات والخليج العربي كانت من الوفرة بحيث كان من الممكن تصدير الفائض منها بعد أن تملح وتقدد.

وقد عمدت الدولة إلى تيسير التعامل؛ فاستخدمت النقود المسكوكة ابتداء من عهد دارا الأول "شكل ٥٦"، وربما كان استعمالها مقتبسًا عن الليديين، ولو أن أوزانها وأقسامها مأخوذة عن النظام البابلي في تقسيم الوحدات القياسية؛ كذلك شجعت مصارف المعابد والمصارف الخاصة التي كانت تقوم بإقراض المحتاجين، كما أن مبدأ الائتمان أو أوراق الاعتماد والسندات كانت معروفة؛ وإن كان من الممكن أن نرجع هذه النظم جميعها إلى أصول بابليلة، ومع أن الفرس استحدثوا كتابة مسمارية اقتبسوها من الخط البابلي؛ إلا أن اتساع رقعة الإمبراطورية ومحافظة الشعوب التي

<<  <   >  >>