للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ومن كانت هجرته لدنيا) بضم أوله -وحكي كسره- وبقصره من غير تنوين؛ إذ هو غير منصرف؛ للزوم ألف التأنيث فيه، وحكي تنوينه، من (الدنو) لسبقها الدار الآخرة، وهي: سائر المخلوقات الموجودة قبل الآخرة. وقيل: الأرض مع الهواء والجو.

و (اللام) للتعليل، أو بمعنى (إلى) كقوله: (فهجرته إلى ما هاجر إليه) والأول أظهر، وستأتي حكمة التغاير بينهما.

(يصيبها) شبَّه تحصيلها عند امتداد الأطماع إليها بإصابة الغرض بالسهم، بجامع سرعة الوصول وحصول المقصود.

(أو امرأة ينكحها) (١) أي: يتزوجها كما في رواية (٢). وذكر الدنيا (٣): إما زيادة على السبب؛ تحذيرًا من قصدها، نظير: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" (٤) بعد السؤال عن طهورية ماء البحر، وإما لأن أم قيس انضم لجمالها مالٌ فقصدهما مهاجرها، وإما لأن السبب قصده نكاحها وقصد غيره دنيا (٥).


(١) سئل بعض الفضلاء عن كلمة (أو) في قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "إلى دنيا يصيبها أو امرأة. . . " الحديث، مع أن عطف الخاص على العام من خواص (الواو) أو (حتى)؛ فأجاب بأن ذلك إذا أُريد بالعام ما يشمل الخاص، أما إذا أريد به ما عدا الخاص. . فيعطف بـ (أو)؛ ولعل الحكمة في الحديث: أنه صلى اللَّه عليه وسلم نبَّه بعطفها بـ (أو) على شدة ضرر النساء حتى كأنها نصفٌ وباقي الدنيا نصف، ولو عطف بالواو. . لعلم أن لهنَّ زيادة مضرة، لكن لا يحصل عند العطف بـ (أو) من التنبيه على أنهنَّ قسم مساوٍ لجميع ما عداهن، واللَّه تعالى أعلم. (قدقي رحمه اللَّه تعالى) اهـ هامش (غ)
(٢) عند البخاري (٥٤)، ومسلم (١٩٠٧) عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه.
(٣) حذفت الواو في النسخ كلها إلا (ط).
(٤) أخرجه ابن حبان (١٢٤٣)، والحاكم (١/ ١٤٠)، وأبو داوود (٨٣) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٥) المرأة داخلة في الدنيا، وحذر الشارع من الدنيا ثم حذر من المرأة؛ تنبيهًا على زيادة التحذير من باب ذكر الخاص بعد العام كما في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، قال بعض العارفين: ما أيس الشيطان من إنسانٍ قط إلا أتاه من قِبل النساء، وقال سفيان: قال إبليس: سهمي الذي إذا رميت به لم أخطئ. . النساء، ومن ثم جُعلن في القرآن عين الشهوات، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ}، وقال سيدنا علي رضي اللَّه عنه: (أيها الناس؛ لا تطيعوا للنساء أمرًا، ولا تَدَعوهن يُدبِّرن أمرَ عيش؛ فإنهنَّ إن تُركن وما يردن. . أفسدن المُلك وعصين المالك، وجدناهنَّ لا دين لهنَّ في خلواتهن، ولا وازع لهنَّ عند شهواتهنَّ، اللذة بهنَّ يسيرةٌ، والحَيْرة بهنَّ كثيرةٌ، فأما صوالحهنَّ. . ففاجرات، وأما طوالحهنَّ. . فعاهرات، وأما المعصومات. . فهنَّ المعدومات، فيهن ثلاث خصالٍ من خصال اليهود: يتظلمن وهن الظالمات، ويتمنعن وهن الراغبات، ويحلفن وهن الكاذبات، فاستعيذوا باللَّه من شرارهن، وكونوا على حذرٍ من خيارهن، والسلام) اهـ "مدابغي" باختصار

<<  <   >  >>