للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن رواية: "حتى يقولوا. . . إلخ" (١) ظاهرةٌ في عدم اشتراط لفظ: (أشهد) وأن المراد به في أحاديثه: (يقول) ولم يعكس (٢)؛ لأن حمل (أشهد) على (يقول) عليه قرينةٌ خارجيةٌ هي: أن هذه الكلمة تُسمى كلمة الشهادة وإن أسقط منها (أشهد)، وحمل (يقول) على (أشهد) لا قرينة عليه خارجيةٌ.

وأيضًا فالاحتياطُ في المشهود به المبني على المشاحَّة غالبًا ثَمَّ. . اقتضى تضييقَ طرقه (٣)، والاقتصارَ فيه على الوارد، والاحتياط للدخول في الإسلام والعصمة المتشوف إليهما الشارع. . اقتضى توسعةَ طرقه، فعملنا بالاحتياط المذكور في البابينِ (٤)، وكلام "الروضة" في الإيمان يقتضي عدم الاشتراط (٥).

ويؤيده اكتفاؤهم في حق مَنْ لم يَدِنْ بشيءٍ بـ (آمنت) وكذا (أُومن -إن لم يرد به الوعد- باللَّه)، أو (أسلمت للَّه)، أو (اللَّه خالقي)، أو (ربي)، ثم يأتي بالشهادة الأخرى، فإذا اكتفوا بنحو: (اللَّه خالقي) مع أنه لا شيء فيه من الوارد نظرًا للمعنى دون اللفظ. . فأولى الاكتفاء بـ (لا إله إلا اللَّه) كما هو واضحٌ؛ لأنه وُجد فيه لفظُ الوارد نظرًا لرواية: "يقولوا" ومعناه.

فعلم أنهم لم يتعبدوا هنا بلفظ الوارد، فيكفي بدل (إله): (بارئ) أو (رحمن) أو (رازق)، وبدل (اللَّه): (محيي) أو (مميت) إن لم يكن طبائعيًا (٦)، أو أحدُ تلك الثلاثة (٧) أو (من في السماء) دون (ساكن السماء) أو (من آمن به المسلمون).


(١) أخرجها البخاري (٣٩٢) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.
(٢) أي: بأن يحمل لفظ (يقول) على (يشهد).
(٣) قوله: (فالاحتياط) مبتدأ، خبره جملة (اقتضي تضييق).
(٤) قوله: (في البابين) أي: باب أداء الشهادة على غيره، وباب الإسلام. اهـ هامش (غ)
(٥) واعتمده الشارح رحمه اللَّه تعالى في "التحفة" (٩/ ٩٨).
(٦) وأصحاب الطبائع: القائلون بقدم العناصر الأربعة: الماء والتراب والنار والهواء. اهـ "الأنوار لأعمال الأبرار" من النكاح (٢/ ١٠٣)
(٧) قوله: (أو أحدُ تلك الثلاثة) برفع (أحد) عطفًا على (محيي) يعني أنه يكفي أن يقول بدل (اللَّه): (محيى) أو (مميت) بالشرط المذكور، أو (بارئ) أو (رحمن) أو (رازق)، ولا تكرار في كلامه؛ لأنه فيما تقدم يقول أحدها بدل (إله)، وهنا يقول بدل (اللَّه) كما لا يخفى. اهـ "مدابغي"

<<  <   >  >>