للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وتصوم) من الصوم؛ وهو لغة: الإمساك، وشرعًا: إمساكٌ مخصوصٌ.

(رمضان) صريح في عدم كراهة إطلاق ذلك مطلقًا، وهو الأصح، وقيل: يكره مطلقًا، وقيل: إن لم تدل قرينةٌ على أن المراد غير اللَّه تعالى؛ لأنه من أسمائه، ويرده الأخبار الصحيحة: "إذا جاء رمضان. . فتحت أبواب الجنة" (١)، وزعمُ أنه من أسمائه تعالى غيرُ صحيحٍ، كيف ولم يرد فيه إلا أثر ضعيف؟!

وأسماء اللَّه تعالى توقيفيةٌ لا تطلق إلا بخبر صحيح، بل لو صح فيه الخبر. . لم تلزمه الكراهة؛ لتوقفها على النهي الصحيح. ذكره المصنف (٢)، ونازعه بعض الشُّرَّاح من المالكية بما لا ينفع دليلًا؛ إذ حاصله: أن أئمتهم لا يقولون شيئًا إلا بدليل وإن لم يعلم.

وسمي شهر الصوم به؛ لأنهم لما أرادوا وضع أسماء الشهور. . وافق اشتداد حرِّ الرمضاء فيه، وهو مبنيٌّ على أن اللغات غير توقيفية، والأصح: خلافه.

(وتحج البيت) أي: تقصده بنسك حج وعمرة؛ إذ هي واجبةٌ أيضًا عندنا للخبر الصحيح: هل على النساء جهاد يا رسول اللَّه؟ قال: "نعم، جهادٌ لا قتال فيه؛ الحج والعمرة" (٣)، فهو صريح في وجوبهما، وما عارضه محتملٌ فقُدِّم هذا عليه، ثم رأيت ابن حبان زاد في روايته: "وتعتمر وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء" وقال: تفرد بهذا سليمان التيمي (٤).

(إن استطعت إليه سبيلًا) أي: طريقًا؛ بأن تجد زادًا وراحلةً بشروطهما المقررة في محلها، وصح عند الحاكم وغيره: أنه صلى اللَّه عليه وسلم فسر بهما السبيل في الآية (٥)، لكن ضعفه آخرون، فلا يجب على عاجزٍ عن مؤنته أو مؤنةِ مَنْ تلزمه مؤنته، ولا على عاجزٍ عن الراحلة إن كان بينه وبين مكة مرحلتان وإن قدر على


(١) أخرجه البخاري (١٨٩٨)، ومسلم (١/ ١٠٧٩) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) انظر "شرح صحيح مسلم" (٧/ ١٨٧ - ١٨٨).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٩٠١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٥٠)، والدارقطني في "سننه" (٢/ ٢٨٤) عن أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي اللَّه عنها.
(٤) صحيح ابن حبان (١٧٣) عن سيدنا ابن عمر رضي اللَّه عنهما.
(٥) المستدرك (١/ ٤٤١ - ٤٤٢) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>