للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمنجٍ (١)، وإلَّا. . فمخلِّدٌ في النار، وهو مذهب الكرامية، وفي المعنى ليس لهم كبير خلاف، لأنا نوافقهم على ما بعد (ثُمَّ) (٢).

وقيل: تصديقٌ بالجَنَان، وإقرارٌ باللسان، ونُقِل عن أبي حنيفة رضي اللَّه تعالى عنه، واشتهر عن أصحابه وبعض محققي الأشاعرة؛ لأن التصديق لمَّا اعتبر بكلٍّ منهما. . كان كلٌّ منهما جزءًا من مفهوم الإيمان، لكن تصديق القلب ركنٌ لا يحتمل السقوط، وتصديق اللسان يسقط لنحو خرسٍ أو إكراهٍ.

واستدلَّ لركنيته عند القدرة بخبر: "حتى يقولوا" أو: "يشهدوا" السابق، ويُردُّ: بأنه لا يدل لخصوص ركنية القول التي النزاعُ فيها، بل كما يحتملها يحتمل ما قلناه: إنه شرطٌ لإجراء أحكام الإسلام، ويدل له أنه فيه رَتَّب على القول الكفَّ عن الدم والمال دون النجاة في الآخرة الذي هو محل النزاع.

وأما ما وقع في "شرح مسلم" للمصنف من نقله اتفاق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن مَنْ آمن بقلبه، ولم ينطق بلسانه مع قدرته كان مخلدًا في النار (٣). . فمعترضٌ بأنه لا إجماع على ذلك (٤)، وبأن لكلٍّ من الأئمة الأربعة قولًا: إنه مؤمن عاصٍ بترك التلفظ، بل الذي عليه جمهور الأشاعرة وبعض محققي الحنفية -كما قاله المحقق الكمال ابن الهمام وغيره- أن الإقرار باللسان إنما هو شرطٌ لإجراء أحكام الدنيا فحسب (٥).

قيل: لو أُجريت عليه لنطقه بلسانه وهو كافر باطنًا؛ كنكاح مسلمة، وأخذِ ميراثِ


(١) وفي بعض النسخ: (فهو آمن ناج)، وفي أخرى: (فهو مؤمن ناجٍ).
(٢) قوله: (لأنا نوافقهم على ما بعد "ثم") وهو أن التلفظ بالشهادتين إن طابقه التصديق القلبي. . فهو مُنجٍ، وإلا. . فهو مخلِّد في النار، وأما ما قبل "ثم". . فنخالفهم فيه؛ إذ التلفظ بالشهادتين عندنا إنما هو الإسلام لا الإيمان. اهـ "مدابغي"
(٣) انظر "شرح صحيح مسلم" (١/ ١٤٩).
(٤) قوله: (فمعترض. . . إلخ) يمكن حمل كلام النووي على ما إذا طلب منه ذلك وهو قادرٌ عليه فامتغ منه، فلا اعتراض. اهـ "مدابغي"
(٥) انظر "كتاب المسايرة" للإمام الكمال ابن الهمام مع شرحه "المسامرة" للكمال بن أبي شريف رحمهما اللَّه تعالى (٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣).

<<  <   >  >>