للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغير آمنًا من تكذيبه، أو للصيرورة كأنه صار ذا أمنٍ من أن يكذبه غيره، ويضمن معنى (اعترفَ) و (أقرَّ) فيُعدَّى بالباء كما يأتي، و (أذعنَ) و (قَبِل) فيُعدَّى باللام؛ نحو: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}.

وشرعًا: التصديق بالقلب فقط؛ أي: قبوله وإذعانه لما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى اللَّه عليه وسلم كما سيأتي بسطه، ثم ما لوحظ إجمالًا كالملائكة والكتب والرسل. . كفى الإيمان به إجمالًا، وما لوحظ تفصيلًا كجبريل وموسى والإنجيل. . اشترط الإيمان به تفصيلًا؛ حتى إن من لم يصدق بمعينٍ من ذلك. . فهو كافر.

وهذا الذي قررته هو معنى قول بعض الشراح: (يجب الإيمان بجميع الملائكة والكتب والرسل إيمانًا كليًا، فمَنْ ثبت بعينه وباسمه كجبريل. . وجب الإيمان به عينًا، ومَنْ لم يعرف اسمه. . آمنَّا به إجمالًا، وكذلك الكتب والأنبياء والرسل؛ مَنْ علم اسمه. . وجب الإيمان بعينه، ومَنْ لا. . آمنا به إجمالًا) اهـ

ولا يكفي لوجوب الإيمان بشيءٍ معينٍ حتى يكون إنكاره كفرًا ثبوتُهُ، بل لا بد من تواتر وجوده حتى يقطع به (١).

وحد الإيمان بما ذكرناه هو مختار جمهور الأشاعرة، وعليه الماتريدية (٢)، وقيل: يشترط أن ينضم لذلك إقرار اللسان وعمل سائر الجوارح، فيكفر من أخلَّ بواحدٍ من هذه الثلاثة، وهو مذهب الخوارج، فلا صغيرة عندهم، وقيل: يعتبر ضمهما إليه على وجه التكميل لا الركنية، وهو مذهب المحدثين؛ لأنه صلى اللَّه عليه وسلم فسَّره في حديث وفد عبد القيس، وحديث: "الإيمان بضع وسبعون شعبة" الآتيينِ بما فيهما (٣).

وما يروى: أن الإيمان إقرار باللسان، وعمل بالأركان، واعتقادٌ بالجَنَان إنما هو من كلام بعض السلف، وقيل: هو التلفُّظ بالشهادتين، ثم إن طابقه تصديق القلب. .


(١) في هامش (غ): (كالإيمان بالنبي خالد بن سنان الذي بُعث بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام؛ فإنه ثابتٌ لكن لا بالتواتر، فليس قطعيًا، فراجعه). فلا يكفر بإنكار الظنيات، وإنما يكفر بإنكار القطعي.
(٢) قوله: (وعليه الماتريدية) أي: أكثرهم، فلا ينافي قوله الآتي: (ونقُل عن أبي حنيفة واشتهر عن أصحابه) اهـ "مدابغي"
(٣) انظر ما سيأتي (ص ١٦٧ - ١٦٨).

<<  <   >  >>